للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿فِي الْأَرْضِ﴾ قال ابن أبي حاتم (١): حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا حماد، (حدّثنا) (٢) عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن سابط - أن رسول اللّه قال "دحيت الأرض من مكة، وأول من طاف بالبيت الملائكة؛ فقال اللّه: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ - يعني: مكة".

وهذا مرسل، وفي سنده ضعف، وفيه مدرج؛ وهو أن المراد بالأرض مكة. واللّه أعلم؛ فإن الظاهر أن المراد بالأرض أعم من ذلك.

﴿خَلِيفَةً﴾ قال السدي في "تفسيره" (٣)، عن أبي مالك؛ وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة -: إن اللّه (تعالى) (٤) قال للملائكة: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾. قالوا: ربنا، وما يكون ذاك الخليفة؟ قال: يكون له ذرية يفسدون في الأرض، ويتحاسدون، ويقتل بعضهم بعضًا.

قال ابن جرير (٥): فكأن تأويل الآية على هذا: إني جاعل في الأرض خليفة مني يخلفني في الحكم (٦) بين خلفي، وإن ذلك الخليفة هو آدم ومن قام مقامه في طاعة اللّه والحكم بالعدل بين خلقه. وأما الإفساد وسفك الدماء بغير حقها فمن غير خلفائه.

قال ابن جرير: وإنما معنى الخلافة التي ذكرها اللّه (تعالى) (٧) إنما هي خلافة (قرن) (٨) منهم قرنًا.

قال (٩): والخليفة: الفعيلة، من قولك: خلف فلان فلانًا في هذا الأمر، إذا قام مقامه فيه بعده؛ كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)[يونس] ومن ذلك قيل للسلطان الأعظم: خليفة؛ لأنه خلف الذي كان قبله، فقام (بالأمر) (١٠)، فكان منه خلفًا.

قال] (٩): وكان محمد بن إسحاق يقول في قوله تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ يقول: ساكنًا وعامرًا يعمرها وشمكنها خلقًا ليس منكم.

(قال ابن جرير) (١١): وحدثنا أبو كريب، حدثنا (عثمان) (١٢) بن سعيد، حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس؛ قال: إن أول من سكن الأرض الجن، فأفسدوا فيها، وسفكوا فيها الدماء، وقتل بعضهم بعضًا؛ قال: فبعث اللّه إليهم إبليس، فقتلهم إبليس ومن


(١) في "تفسيره" (٣١٨). وأخرجه ابن جرير (٥٩٦) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، عن ابن سابط. وعزاه السيوطي في "الدر" (١/ ٤٦) لابن عساكر.
(٢) في (ن): "ابن".
(٣) ومن طريقه ابن جرير (٦٠٥). [وسنده ضعيف].
(٤) من (ن).
(٥) في "تفسيره" (١/ ٤٥٢).
(٦) في (ن): "في الحكم بالعدل"، وليس في "الأصول" ولا في "الطبري".
(٧) من (ل).
(٨) ساقط من (ل).
(٩) يعني ابن جرير (١/ ٤٤٩).
(١٠) في "الطبري" (١/ ٤٤٩): "فقام بالأمر مقامه".
(١١) ساقط من (ج) و (ك) و (ل) وهو في "تفسير ابن جرير" (٦٠١) وسنده ضعيف.
(١٢) في (ز): "عمر" كذا نبه محققو طبعة "الشعب" ورسمها قريب جدًّا من عثمان، فإنهم يكتبونها هكذا "عثمن" فلعلها اشتبهت عليهم. واللّه أعلم.