للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تنتسب إليه قريش في نسبها ومذهبها أنه تبرأ من أبيه وقومه في عبادتهم الأوثان، فقال: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ أي: هذه الكلمة وهي عبادة الله تعالى وحده لا شريك له وخلع ما سواه من الأوثان، وهي لا إله إلا الله؛ أي: جعلها دائمة في ذريته يقتدي به فيها من هداه الله تعالى من ذرية إبراهيم ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ أي: إليها.

قال عكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ يعني: لا إله إلا الله، لا يزال في ذريته من يقولها (١)، وروي نحوه عن ابن عباس (٢) وقال ابن زيد: كلمة الإسلام (٣). وهو يرجع إلى ما قاله الجماعة.

ثم قال جلَّ وعلا: ﴿بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ﴾ يعني المشركين ﴿وَآبَاءَهُمْ﴾ أي: فتطاول عليهم العمر في ضلالهم ﴿حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ﴾ أي: بيّن الرسالة والنذارة.

﴿وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (٣٠)﴾ أي: كابروه وعاندوه ودفعوا بالصدور والراح كفرًا وحسدًا وبغيًا

﴿وَقَالُوا﴾ أي: كالمعترضين على الذي أنزله تعالى وتقدس ﴿لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ أي: هلَّا كان إنزال هذا القرآن على رجل عظيم كبير في أعينهم من القريتين؟ يعنون: مكة والطائف، قاله ابن عباس (٤)، وعكرمة ومحمد بن كعب القرظي وقتادة والسدي وابن زيد (٥)، وقد ذكر غير واحد منهم أنهم أرادوا بذلك الوليد بن المغيرة وعروة بن مسعود الثقفي (٦).

وقال مالك، عن زيد بن أسلم (٧)، والضحاك والسدي: يعنون الوليد بن المغيرة ومسعود بن عمرو الثقفي (٨).

وعن مجاهد: يعنون عمير بن عمرو بن مسعود الثقفي وعنه أيضًا أنهم يعنون عتبة بن ربيعة. وعن ابن عباس: جبارًا من جبابرة قريش، وعنه أنهم يعنون: الوليد بن المغيرة وحبيب بن عمرو بن عمير الثقفي.


(١) أخرجه الفريابي بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد. (ينظر تغليق التعليق ٤/ ٣٠٦)، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس، ويتقوى بما سبق.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن ابن زيد.
(٤) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عنه، ويتقوى بما يليه:
(٥) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، لكنه مرسل، بلفظ: "الرجل": الوليد بن المغيرة قال: لو كان ما يقول محمد حقًّا أنزل علىَّ هذا القرآن أو على أبي مسعود الثقفي، والقريتان: الطائف ومكة، وأبو مسعود الثقفي من الطائف واسمه: عروة بن مسعود، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بنحوه.
(٦) تقدم عن قتادة وعبد الرحمن بن زيد كما في الرواية السابقة.
(٧) سنده صحيح لكنه مرسل.
(٨) أخرجه الطبري بسند ضعيف، فيه بشر بن عمارة وهو ضعيف، عن الضحاك عن ابن عباس، وهو لم يلق ابن عباس.