للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قبضه الله ﷿ (١)، وذكر من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة نحوه (٢)، ثم روى ابن جرير، عن الحسن نحو ذلك أيضًا (٣).

وفي الحديث: "النجوم أمَنَة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أَمَنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون" (٤).

ثم قال تعالى: ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣)﴾ أي: خذ القرآن المنزل على قلبك، فإنه هو الحق وما يهدي إليه هو الحق المفضي إلى صراط الله المستقيم الموصل إلى جنات النعيم والخير الدائم المقيم.

ثم قال: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ قيل: معناه لشرف لك ولقومك، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد (٥)، واختاره ابن جرير ولم يحكِ سواه، وأورد البغوي ههنا حديث الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن معاوية قال: سمعت رسول الله يقول: "إن هذا الأمر في قريش لا ينازعهم فيه أحد إلا أكبَّه الله على وجهه ما أقاموا الدين" (٦). رواه البخاري (٧)، ومعناه أنه شرف لهم من حيث إنه أنزل بلغتهم، فهم أفهم الناس له فينبغي أن يكونوا أقوم الناس به وأعملهم بمقتضاه، وهكذا كان خيارهم وصفوتهم من الخُلَّص من المهاجرين السابقين الأولين ومن شابههم وتابعهم، وقيل معناه: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ أي: لتذكير لك ولقومك، وتخصيصهم بالذكر لا ينفي من سواهم، كقوله: ﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٠)[الأنبياء] وكقوله: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)[الشعراء].

﴿وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ أي: عن هذا القرآن، وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له؟

وقوله: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥)﴾ أي: جميع الرسل دعوا إلى ما دعوت الناس إليه من عبادة الله وحده لا شريك له، ونهوا عن عبادة الأصنام والأنداد، كقوله: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦] قال مجاهد في قراءة عبد الله بن مسعود : "واسأل الذين أرسلنا إليهم قبلك من رسلنا" (٨)،


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، ورجاله ثقات لكنه مرسل.
(٢) أخرجه الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة به وهو مرسل أيضًا.
(٣) أخرجه الطبري من طريق أبي الأشهب عن الحسن وهو مرسل أيضًا، ويتقوى بسابقه.
(٤) أخرجه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري (الصحيح، فضائل الصحابة، باب بيان أن بقاء النبي أمان لأصحابه ح ٢٥٣١).
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس بلفظ: "إن القرآن شرف لك" وأخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة (المصنف ١١/ ٤٥٦) بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن ابن زيد.
(٦) أخرجه البغوي من طريق شعيب عن الزهري به (معالم التنزيل ٤/ ١٤٠) وسنده صحيح.
(٧) أخرجه البخاري من طريق شعيب به (الصحيح، المناقب، باب مناقب قريش ح ٣٥٠٠).
(٨) أخرجه الطبري من طريق مجاهد به، وسنده ضعيف لأن مجاهدًا لم يسمع من ابن مسعود، والقراءة شاذة تفسيرية. ويتقوى بالآثار التالية: