للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مفتخرًا بملك مصر وتصرفه فيها: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾ قال قتادة: قد كانت لهم جنات وأنهار ماء (١).

﴿أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ أي: أفلا ترون ما أنا فيه من العظمة والملك؛ يعني: موسى وأتباعه فقراء ضعفاء وهذا كقوله تعالى: ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (٢٥)[النازعات].

وقوله: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ﴾ قال السدي: يقول: بل أنا خير من هذا الذي هو مهين، وهكذا قال بعض نحاة البصرة: إن أم ههنا بمعنى: بل، ويؤيد هذا ما حكاه الفراء عن بعض القراء أنه قرأها "أما أنا خير من هذا الذي هو مهين" (٢).

قال ابن جرير: ولو صحَّت هذه القراءة لكان معناها صحيحًا واضحًا، ولكنها خلاف قراءة الأمصار فإنهم قرأوا ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ﴾ على الاستفهام (٣).

(قلت): وعلى كل تقدير فإنما يعني فرعون لعنه الله بذلك أنه خير من موسى ، وقد كذب في قوله هذا كذبًا بينًا واضحًا، فعليه لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة. ويعني بقوله: ﴿مَهِينٌ﴾ كما قال سفيان: حقير.

وقال قتادة والسدي: يعني ضعيف (٤).

وقال ابن جرير: يعني لا ملك له ولا سلطان ولا مال (٥) ﴿وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾ يعني: لا يكاد يفصح عن كلامه فهو عيي حصر.

قال السدي: ﴿وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾ أي: لا يكاد يفهم.

وقال قتادة والسدي وابن جرير: يعني عيي اللسان (٦).

وقال سفيان: يعني في لسانه شيء من الجمرة حين وضعها في فمه وهو صغير، وهذا الذي قاله فرعون لعنه الله كذب واختلاق، وإنما حمله على هذا الكفر والعناد وهو ينظر إلى موسى بعين كافرة شقية، وقد كان موسى من الجلالة والعظمة والبهاء في صورة يبهر أبصار ذوي الألباب.

وقوله: ﴿مَهِينٌ﴾ كذب. بل هو المهين الحقير خلقة وخلقًا ودينًا، وموسى هو الشريف الصادق البار الراشد.

وقوله: ﴿وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾ افتراء أيضًا فإنه وإن كان قد أصاب لسانه في حال صغره شيء من


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) معاني القرآن ٣/ ٣٥ وهي قراءة شاذة تفسيرية.
(٣) ذكره الطبري بنحوه.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٥) ذكره الطبري بنحوه.
(٦) أخرجه الطبري بالسند المتقدم عن قتادة، وأخرجه أيضًا بالسند المتقدم عن السدي بلفظ: "الكلام".