للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جهة تلك الجمرة، فقد سأل الله ﷿ أن يحلَّ عقدة من لسانه ليفقهوا قوله، وقد استجاب الله له [ذلك] (١) في قوله: ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى﴾ [طه: ٢٦] وبتقدير أن يكون قد بقي شيء لم يسأل إزالته، كما قاله الحسن البصري وإنما سأل زوال ما يحصل معه الإبلاغ والإفهام، فالأشياء الخلقية التي ليست من فعل العبد لا يُعاب بها ولا يُذم عليها، وفرعون وإن كان يفهم وله عقل، فهو يدري هذا، وإنما أراد الترويج على رعيته فإنهم كانوا جهلة أغبياء وهكذا قوله: ﴿فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ﴾ وهي ما يجعل في الأيدي من الحلي. قاله ابن عباس وقتادة (٢) وغير واحد ﴿أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾ أي: يكنفونه خدمة له ويشهدون بتصديقه، نظر إلى الشكل الظاهر ولم يفهم السر المعنوي هو أظهر مما نظر إليه لو كان يفهم، ولهذا قال تعالى: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾ أي: استخف عقولهم فدعاهم إلى الضلالة فاستجابوا ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾

قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥)﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿آسَفُونَا﴾ أسخطونا (٣).

وقال الضحاك عنه: أغضبونا، وهكذا قال ابن عباس أيضًا ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب القرظي وقتادة والسدي وغيرهم من المفسرين (٤).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبيد الله بن أخي ابن وهب، حدثنا عمي، حدثنا ابن لهيعة، عن عقبة بن مسلم التجيبي، عن عقبة بن عامر أن رسول الله قال: "إذا رأيت الله يعطي العبد ما يشاء وهو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك استدراج منه له" ثم تلا : ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥)(٥).

وحدثنا أبي، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، حدثنا قيس بن الربيع، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: كنت عند عبد الله، فذكر عنده موت الفجأة، فقال: تخفيف على المؤمن وحسرة على الكافر، ثم قرأ: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥)(٦).

وقال عمر بن عبد العزيز : وجدت النقمة مع الغفلة، يعني: قوله : ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥)﴾.

وقوله: ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ (٥٦)﴾.


(١) زيادة من (حم) و (مح).
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية العوفي عن ابن عباس ويتقوى برواية قتادة التي أخرجها الطبري بالسند المتقدم عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس ويتقوى بسابقه ولاحقه فقد أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
(٥) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأنعام آية ٤٥.
(٦) سنده ضعيف لضعف يحيى بن عبد الحميد الحماني.