للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس -أو تحشر الناس- تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا". تفرد بإخراجه مسلم في صحيحه (١)، وفي الصحيحين أن رسول الله قال لابن صياد: "إني خبأت لك خبأ" قال: هو الدخ، قال : "اخسأ فلن تعدو قدرك" قال: وخبأ له رسول الله : ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠)﴾ وهذا فيه إشعار بأنه من المنتظر المرتقب، وابن صياد: كاشف على طريقة الكهان بلسان الجان، وهم يقرطمون العبارة، ولهذا قال هو الدخ؛ يعني: الدخان، فعندها عرف رسول الله مادته وأنها شيطانية فقال : "اخسأ فلن تعدو قدرك" (٢).

ثم قال ابن جرير: وحدثني عصام بن رواد بن الجراح، حدثنا أبي، حدثنا سفيان بن أبي سعيد الثوري، حدثنا منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: قال رسول الله : "إن أول الآيات الدجال ونزول عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام، ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا، والدخان -قال حذيفة يا رسول الله وما الدخان؟ فتلا رسول الله هذه الآية ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١)﴾ - يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يومًا وليلة، أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة، وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره".

قال ابن جرير: لو صح هذا الحديث لكان فاصلًا وإنما لم أشهد له بالصحة لأن محمد بن خلف العسقلاني، حدثني أنه سأل روادًا عن هذا الحديث هل سمعه من سفيان؟ فقال له: لا، قال: فقلت: أقرأته عليه؟ قال: لا، قال: فقلت: أقرئ عليه وأنت حاضر فأقر به؟ فقال: لا، فقلت له: فمن أين جئت به؟ فقال: جاءني به قوم فعرضوه عليَّ، وقالوا لي: اسمعه منا، فقرءوه عليَّ، ثم ذهبوا به فحدثوا به عني أو كما قال (٣)، وقد أجاد ابن جرير في هذا الحديث ههنا، فإنه موضوع بهذا السند، وقد أكثر ابن جرير من سياقه في أماكن من هذا التفسير، وفيه منكرات كثيرة جدًّا، ولا سيما في أول سورة بني إسرائيل في ذكر المسجد الأقصى، والله أعلم.

وقال ابن جرير أيضًا: حدثنا محمد بن عوف، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش، حدثني أبي، حدثني ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله : "إن ربكم أنذركم ثلاثًا: الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه، والثانية الدابة والثالثة الدجال" (٤). ورواه الطبراني عن هاشم بن


(١) صحيح مسلم، الفتن، باب في الآيات التي تكون قبل الساعة (ح ٢٩٠١).
(٢) صحيح البخاري، الجهاد، باب كيف يعرض الإسلام على الصبي؟ (ح ٣٠٥٥) وصحيح مسلم، الفتن، باب ذكر ابن صياد (ح ٢٩٣٠).
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه ونقده، وعليه فسنده ضعيف.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأن محمد بن إسماعيل بن عياش لم يسمع من أبيه. (التقريب ص ٤٦٨) ولمعظمه شواهد تقدمت في الصحيحين.