للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ قال قتادة (١): فكان في علم اللّه أنه سيكون في تلك الخليقة أنبياء ورسل، وقوم صالحون وساكنو الجنة.

وسيأتي عن ابن مسعود، وابن عباس، وغير واحد من الصحابة والتابعين أقوال في حكمة قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.

[وقد استدل القرطبي (٢) وغيره بهذه الآية على وجوب نصب الخليفة، ليفصل بين الناس فيما (يختلفون) (٣) فيه، ويقطع تنازعهم، وينتصر لمظلومهم من ظالمهم، ويقيم الحدود، ويزجر عن تعاطي الفاحش، إلى غير ذلك من الأمور المهمة التي لا يمكن إقامتها إلا بالإمام، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

والإمامة تنال بالنص، كما يقوله طائفة من أهل السنة في أبي بكر، أو بالإيماء إليه، كما يقول آخرون منهم، أو باستخلاف الخليفة آخر بعده، كما فعل الصديق (في) (٤) عمر بن الخطاب، أو بتركه شورى في جماعة صالحين كذلك كما فعله عمر، أو باجتماع أهل الحل والعقد على مبايعته، أو بمبايعة واحد منهم له؛ فيجب التزامها عند الجمهور؛ وحكى على (ذلك) (٥) إمام الحرمين الإجماع واللّه أعلم.

أو بقهر واحد (من) (٦) الناس على طاعته، فتجب، لئلا يؤدي ذلك إلى الشقاق والاختلاف. وقد نص عليه الشافعي؛ وهل يجب الإشهاد على عقد الإمامة؟ فيه خلاف؛ فمنهم من قال: لا يشترط. وقيل: بلى؛ ويكفي شاهدان. وقال الجبائي: يجب أربعة، وعاقد] (٧) [ومعقود له، كما ترك عمر () (٨) الأمر شورى بين ستة؛ فوقع الأمر على عاقد، وهو عبد الرحمن بن عوف، ومعقود له وهو عثمان () (٩)، واستنبط وجوب الأربعة الشهود من الأربعة الباقين، وفي هذا نظر. واللّه أعلم.

ويجب أن يكون ذكرًا حرًا بالغًا، عاقلًا مسلمًا، عدلًا مجتهدًا، بصيرًا سليم الأعضاء، خبيرًا بالحروب والآراء، قرشيًا على الصحيح؛ ولا يشترط الهاشمي ولا المعصوم من الخطأ خلافًا (لغلاة) (١٠) الروافض.

ولو فسق الإمام هل ينعزل أم لا؟ فيه خلاف. والصحيح أنه لا ينعزل، لقوله عليه (الصلاة و) (١١) السلام: "إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من اللّه فيه برهان" (١٢)] (١٣).


(١) أخرجه ابن جرير (٦٣٩)؛ وابن أبي حاتم (٣٣٩) من طريقين عن قتادة. [وسنده صحيح].
(٢) في "تفسيره" (١/ ٢٦٤).
(٣) في (ن): "اختلفوا".
(٤) في (ن): "بعمر".
(٥) في (ك): "تلك".
(٦) ساقط من (ج).
(٧) ساقط من (ز) و (هـ).
(٨) من (ن).
(٩) من (ك).
(١٠) في (ن): "للغلاة".
(١١) من (ن): وفي (ك): " ".
(١٢) أخرجه البخاري (١٣/ ٥)؛ ومسلم (١٧٠٩/ ٤٢) والسياق له.
(١٣) ساقط من (ز) و (هـ).