للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مجاهد (١): ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ قال: نعظمك ونكبرك.

وقال الضحاك (٢): التقديس: التطهير.

وقال محمد بن إسحاق (٣): ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ قال: لا نعصي، ولا نأتي شيئًا تكرهه.

وقال ابن جرير (٤): التقديس: هو التعظيم والتطهير. ومنه قولهم: سبوح قدوس: يعني بقولهم: سبوح: تنزيه (للّه) (٥)، وبقولهم قدوس: طهارة وتعظيم له (ولذلك) (٦) قيل للأرض: أرض مقدسة؛ يعني بذلك: المطهرة؛ فمعنى قول الملائكة إذًا: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ ننزهك ونبرئك مما يضيفه إليك أهل الشرك بك. ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ ننسبك إلى ما هو من صفاتك من الطهارة من الأناس، وما أضاف إليك أهل الكفر بك.

[وفي "صحيح مسلم" (٧)، عن أبي ذر : أن رسول اللّه سُئل أي الكلام أفضل؟ قال: "ما اصطفى اللّه لملائكته: سبحان اللّه وبحمده".

وروى البيهقي (٨) عن عبد الرحمن بن قرط: أن رسول اللّه ليلة أسرى به سمع تسبيحًا في السموات العلى "سبحان العلي الأعلى، "] (٩).


(١) أخرجه ابن جرير (٦٢٣)؛ وابن أبي حاتم (٣٣٣) من طرق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. وسنده قوي وقد قدمت الدليل على ذلك في أول هذه السورة.
(٢) أخرجه ابن جرير (٦٢٥)؛ وأخرجه ابن أبي حاتم (٣٣٢) لكنه جعله عن الضحاك، عن ابن عباس وسنده ضعيف.
(٣) أخرجه ابن جرير (٦٢٤) بسند ضعيف جدًّا.
(٤) في "تفسيره" (١/ ٤٧٥).
(٥) في (ز) و (ن): "له".
(٦) في (ن): "كذلك".
(٧) أخرجه مسلم (٢٧٣١/ ٨٥).
(٨) في "الأسماء والصفات"، كما في "الدر المنثور" (٤/ ١٨٣).
وأخرجه الطبراني في "الكبير"، كما في "ابن كثير" (٥/ ٧٦ - الشعب)؛ وفي "الأوسط" (٣٧٤٢)، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (٢/ ٧، ٨)؛ وفي "عوالي سعيد بن منصور" (٤)؛ وابن عساكر في "تاريخه" (ج ١٠/ ق ١٥٦) كلهم عن سعيد بن منصور، وهذا في "سننه"، كما في "الدر المنثور" قال: حدثنا ميمون بن مسكين، حدثني عروة بن رويم، عن عبد الرحمن بن قرط أن رسول اللّه ليلة أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فلما رجع فكان بين زمزم والمقام وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فطارا به حتى بلغا السموات العلى، فلما رجع قال: "سمعت تسبيحًا في السموات العلى، مع تسبيح كثير: سبحت السموات العلى من ذي المهابة مشفقات لذي العلو بما علا، سبحان العلي الأعلى، ".
وعزاه الحافظ في "الإصابة" (٤/ ٣٥٤) للبخاري، يعني في "تاريخه"؛ وابن السكن. وعزاه السيوطي في "الدر" (٤/ ١٨٣)؛ لابن أبي حاتم، قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن رسول الله إلا بهذا الإسناد، تفرد به سعيد بن منصور". وقال الذهبي في "الميزان" (٤/ ١٠١): "مسكين بن ميمون لا أعرفه وخبره منكر" وذكر له هذا الحديث. وتبعه في هذا الحكم الحافظ في "اللسان" (٦/ ٢٨)؛ والهيثمي في "المجمع" (١/ ٧٨). وخالفهم أبو نعيم الأصبهاني فقد نقل عنه الذهبي أنه صححه. وعبارة أبي نعيم في "عوالي سعيد بن منصور" هي: "هذا حديث صحيح غريب لم يروه عن عروة بن رويم غير مسكين بن ميمون فيما قالوا، وعبد الرحمن بن قرط يعد في الصحابة وتفرد بهذا الحديث عن النبي في ذكر التسبيح، ومسكين بن ميمون هو الرملي وروى عنه هشام بن عمار وغيره هذا الحديث". ا هـ ولكن وضع محقق "عوالي سعيد بن منصور" كلمة "صحيح" بين قوسين، فكأنه سقط من الأصل ولكنه استدركه بدلالة قول الذهبي فالله أعلم لكن الإسناد قوي، وقول الذهبي في مسكين بن ميمون لا أعرفه عجيب فقد وثقه ابن معين كما في "تاريخ الدوري" (٤/ ٤٧١) وذكره ابن شاهين في "الثقات" وكذلك ابن حبان (٧/ ٥٠٥) وسمى أباه "صالحًا" وسبقه البخاري (٤/ ٣/٢) لكن ذكر الحافظ في "الإصابة" (٤/ ٣٥٥) أن سعيد بن منصور أخرجه عن مسكين فأرسله فلو صحَّ هذا النقل لكان قد اختلف على سعيد في وصله وإرساله فاللّه أعلم.

(٩) ساقط من (ز) و (ض) و (هـ).