للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن جرير (١): وقال بعضهم: إنما قالت الملائكة ما قالت: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ لأن الله أذن (لها) (٢) في السؤال عن ذلك بعد ما أخبرهم أن ذلك كائن من بني آدم، فسألته الملائكة، فقالت على التعجب منها: وكيف يعصونك يا رب وأنت خالقهم؟ فأجابهم ربهم: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ يعني: أن ذلك كائن منهم، وإن لم تعلموه أنتم ومن بعض (من) (٣) ترونه لي طائعًا.

قال (٤): وقال بعضهم: ذلك من الملائكة على وجه [الاسترشاد عما لم يعلموا من ذلك، فكأنهم قالوا: (يا رب) (٥)، خبرنا - (مسألة) (٦) استخبار منهم، لا على وجه] (٧) الإنكار. واختاره ابن جرير.

[وقال سعيد (٨)، عن قتادة؛ قوله (تعالى) (٩): ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ - قال: استشار الملائكة في خلق آدم، فقالوا: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ وقد علمت الملائكة (من علم اللّه) (١٠) أنه لا شيء أكره عند اللّه من سفك الدماء والفساد في الأرض - ونحن نسبح بحمدك، ونقدس لك. قال: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ فكان في علم الله أنه سيكون من تلك الخليقة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنوا الجنة؛ قال: وذكر لنا عن ابن عباس أنه كان يقول: إن الله لما أخذ في خلق آدم (١١) قالت الملائكة: ما اللّه خالق خلقًا أكرم عليه منا، ولا أعلم منا؛ فابتلوا بخلق آدم، وكل خلق مبتلى، كما ابتليت السموات والأرض بالطاعة، فقال (الله تعالى) (١٠): ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت: ١١]] (١٢).

[(وقوله تعالى) (١٠): ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ قال عبد الرزاق (١٣)، عن معمر، عن قتادة، قال: التسبيح: التسبيح. والتقديس: الصلاة.

وقال السدي (١٤)، عن أبي مالك؛ وعن أبي صالح، عن ابن عباس؛ وعن مرة] (١٥)، عن ابن مسعود؛ وعن ناس من الصحابة ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ قال: يقولون: نصلي لك.


(١) في "تفسيره" (١/ ٤٦٩، ٤٧٠).
(٢) كذا في (ج) و (ع) و (ك) و (ل) و (هـ) و (ي) وهو الموافق لما في "الطبري" (٦١٦). ووقع في (ز) و (ن): "لهم".
(٣) في (ن): "ما" وفي (ز): "ومن يعصيني ممن ترونه".
(٤) يعني: ابن جرير (١/ ٤٧٠).
(٥) ساقط من (ج).
(٦) في (ل): "مسألة الملائكة".
(٧) ساقط من (ك).
(٨) أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (٦٠٩)؛ وفي "التاريخ" (١/ ١٠٠) وسنده صحيح.
(٩) من (ن).
(١٠) ساقط من (ن).
(١١) ساقط من (ج) و (ع) و (ل).
(١٢) ساقط من (ز) و (ض) و (ي).
(١٣) في "تفسيره" (١/ ٤٢) ومن طريقه ابن جرير (٦٢٠، ٦٢١)؛ وابن أبي حاتم (٣٣٠) (٢٣٦) [وسنده صحيح] وعزاه السيوطي في "الدر" (١/ ٤٦) لعبد بن حميد.
(١٤) أخرجه ابن جرير (٦١٩). [وسنده ضعيف].
(١٥) هذه الفقرة وما بعدها إلى قوله: "أهل الكفر بك" مقدمة في (ك) و (هـ) على قوله في الفقرة السابقة، قال: سعيد … إلخ".