للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد استدل علي بهذه الآية مع التي في لقمان ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ [١٤] وقوله : ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ (١) [البقرة: ٢٣٣] على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر وهو استنباط قوي وصحيح، ووافقه عليه عثمان وجماعة من الصحابة .

قال محمد بن إسحاق بن يسار، عن يزيد بن عبيد الله بن قسيط، عن معمر بن عبد الله الجهني قال: تزوج رجل منا امرأة من جهينة فولدت له لتمام ستة أشهر، فانطلق زوجها إلى عثمان ، فذكر ذلك له، فبعث إليها، فلما قامت لتلبس ثيابها بكت أختها فقالت: وما يبكيك؟ فوالله ما التبس بي أحد من خلق الله تعالى غيره قط، فيقضي الله في ما شاء، فلما أتى بها عثمان أمر برجمها فبلغ ذلك عليًا : فأتاه فقال له ما تصنع، قال: ولدت تمامًا لستة أشهر، وهل يكون ذلك، فقال له علي : أما تقرأ القرآن: قال: بلى. قال: أما سمعت الله يقول: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ وقال: ﴿حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ فلم نجده بقي إلا ستة أشهر قال: فقال عثمان والله ما فطنت بهذا، عليّ بالمرأة فوجدوها قد فرغ منها قال: فقال معمر: فوالله ما الغراب بالغراب ولا البيضة بالبيضة بأشبه منه بأبيه، فلما رآه أبوه قال: ابني والله لا أشك فيه. قال: وابتلاه الله تعالى بهذه القرحة بوجهه الآكلة، فما زالت تأكله حتى مات، رواه ابن أبي حاتم، وقد أوردناه من وجه آخر عند قوله ﷿: ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ (٢) [الزخرف: ٨١].

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا فروة بن أبي المغراء، حدثنا علي بن مسهر، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إذا وضعت المرأة لتسعة أشهر كفاه من الرضاع أحد وعشرين شهرًا، وإذا وضعته لسبعة أشهر كفاه من الرضاع ثلاثة وعشرون شهرًا، وإذا وضعته لستة أشهر فحولين كاملين لأن الله تعالى يقول: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ (٣).

﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ أي: قوي وشب وارتجل.

﴿وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ أي: تناهى عقله وكمل فهمه وحلمه. ويقال: إنه لا يتغير غالبًا عما يكون عليه ابن الأربعين.

قال أبو بكر بن عياش: عن الأعمش، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قلت لمسروق: متى يؤخذ الرجل بذنوبه؟ قال: إذا بلغت الأربعين فخذ حذرك (٤).

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا أبو عبد الله القواريري، حدثنا عزرة بن قيس الأزدي، وكان قد بلغ مائة سنة، حدثنا أبو الحسن السلولي عمر بن أوس قال: قال محمد بن عمرو بن عثمان، عن عثمان ، عن النبي قال: "العبد المسلم إذا بلغ أربعين سنة خفف الله تعالى حسابه، وإذا بلغ الستين سنة رزقه الله تعالى الإنابة إليه، وإذا بلغ سبعين سنة أحبه أهل السماء، وإذا بلغ ثمانين سنة ثبت الله حسناته ومحا سيئاته، وإذا بلغ تسعين سنة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وشفعه الله تعالى في أهل بيته، وكتب في السماء أسير الله في


(١) جاءت هذه الآية قبل قول ابن إسحاق التالي.
(٢) وقد تقدم تخريج الأثر عند تفسير هذه الآية من سورة الزخرف.
(٣) سنده حسن.
(٤) سنده مرسل.