للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خطب مروان فقال: إن الله تعالى قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيًا حسنًا، وأن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر عمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: [أهرقلية] (١)؟ إن أبا بكر والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية في ولده إلا رحمة وكرامة لولده، فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه أف لكما؟ فقال عبد الرحمن: ألست ابن اللعين الذين لعن رسول الله أباك؟ قال: وسمعتهما عائشة فقالت: يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا؟ كذبت ما فيه نزلت ولكن نزلت في فلان ابن فلان، ثم انتحب مروان ثم نزل عن المنبر، حتى أتى باب حجرتها، فجعل يكلمها حتى انصرف (٢)، وقد رواه البخاري بإسناد آخر ولفظ آخر فقال: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك قال: كان مروان على الحجاز، استعمله معاوية بن أبي سفيان، فخطب وجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئًا (٣)، فقال: خذوه (٤)، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل فيه ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي﴾ فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئًا من القرآن إلا أن الله تعالى أنزل عذري (٥).

(طريق أخرى) قال النسائي: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أمية بن خالد، حدثنا شعبة، عن محمد بن زياد قال: لما بايع معاوية لابنه، قال مروان: سنة أبي بكر وعمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سُنَّة هِرَقل وقيصر! فقال مروان: هذا الذي أنزل الله تعالى فيه ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا﴾ الآية. فبلغ ذلك عائشة فقالت: كذب مروان والله ما هو به، ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته، ولكن رسول الله لعن أبا مروان ومروان في صلبه فمروان [فضض من لعنة الله] (٦) (٧).

وقوله: ﴿أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ﴾ أي: أبعث ﴿وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي﴾ أي: قد مضى الناس فلم يرجع منهم مخبر ﴿وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ﴾ أي: يسألان الله فيه أن يهديه ويقولان لولدهما ﴿وَيْلَكَ آمِنْ


= ابن أبي حاتم باسم: عبد الله المدني. (فتح الباري ٨/ ٥٧٧).
(١) كذا في (حم) و (مح) وفتح الباري ٨/ ٥٧٧، وفي الأصل صحف إلى: أهو قلته.
(٢) سنده ضعيف فإن عبد الله وهو البهي مولى مصعب بن الزبير يقال: اسم أبيه يسار: صدوق يخطئ كما في التقريب، وأصل القصة في الصحيح كما سيأتي ولكن ليس فيها ذكر اللعن.
(٣) قال الحافظ ابن حجر: قيل قال له: بيننا وبينكم ثلاث، مات رسول الله وأبو بكر وعمر ولم يعهدوا … والذي في رواية الإسماعيلي: فقال عبد الرحمن: ما هي إلا هرقلية. (فتح الباري ٨/ ٥٧٧).
(٤) القائل هو مروان ويريد بذلك إلقاء القبض على عبد الرحمن بن أبي بكر .
(٥) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا. . .﴾ [الأحقاف: ١٧] ح ٤٨٢٧).
(٦) كذا في (مح) والسنن الكبرى للنسائي، وفي الأصل صحف إلى: "يقتص من لعنه"، وفي (حم) صحف إلى: "بعض من لعنه الله".
(٧) أخرجه النسائي بسنده ومتنه (السنن الكبرى، التفسير سورة الأحقاف، باب قوله: ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ﴾ [الأحقاف: ١٧] ح ١١٤٢٧)، وأخرجه الحاكم من طريق علي بن الحسين الدرهمي به وصححه وتعقبه الذهبي بقوله: فيه انقطاع محمد لم يسمع من عائشة (المستدرك ٤/ ٤٨١).