للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ قال الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (١٨)﴾ أي: دخلوا في زمرة أشباههم وأضرابهم، من الكافرين الخاسرين أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.

وقوله: ﴿أُولَئِكَ﴾ بعد قوله: ﴿وَالَّذِي قَالَ﴾ دليل على ما ذكرناه من أنه جنس يعم كل من كان كذلك.

وقال الحسن وقتادة: هو الكافر الفاجر العاق لوالديه المكذب بالبعث (١).

وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة سهل بن داود من طريق هشام بن عمار، حدثنا حماد بن عبد الرحمن، حدثنا خالد بن الزبرقان الحلبي، عن سليم بن حبيب، عن أبي أُمامة الباهلي ، عن النبي قال: "أربعة لعنهم الله تعالى من فوق عرشه، وأمنت عليهم الملائكة: مضل المساكين" قال خالد الذي يهوي بيده إلى المسكين فيقول: هلَّم أعطيك، فإذا جاءه قال: ليس معي شيء "والذي يقول للمكفوف: اتق [الدابة] (٢): وليس بين يديه شيء، والرجل يسأل عن دار القوم فيدلونه على غيرها، والذي يضرب الوالدين حتى يستغيثا" (٣). غريب جدًا.

وقوله: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ أي: لكل عذاب بحسب عمله ﴿وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ أي: لا يظلمهم مثقال ذرة فما دونها. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ درجات النار تذهب سفالًا ودرجات الجنة تذهب علوًا (٤).

وقوله: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا﴾ أي: يقال لهم ذلك تقريعًا وتوبيخًا، وقد تورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عن كثير من طيبات المآكل والمشارب. وتنزه عنها ويقول: إني أخاف أن أكون كالذين قال الله لهم وبخهم وقرعهم: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا﴾ (٥).

وقال أبو مجلز: ليفقدن أقوام حسنات كانت لهم في الدنيا فيقال لهم: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا﴾ (٦).

وقوله: ﴿فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ﴾ فجوزوا


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عوف، وهو الأعرابي، عن الحسن، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) كذا في (مح) و (حم)، وفي الأصل بياض.
(٣) ذكره ابن منظور في مختصر تاريخ دمشق (١٠/ ٢٢١)، وأخرجه الطبراني من طريق هشام بن عمار به (المعجم الكبير ٨/ ١١٧ ح ٧٤٨٩) قال الهيثمي: حماد بن عبد الرحمن عن خالد بن الزبرقان كلاهما ضعيف (مجمع الزوائد ٤/ ٢٥١) وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا حديث منكر (العلل ٢/ ٤١٣).
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق قتادة عن عمر بنحوه، وقتادة لم يسمع من عمر ، وقد أخرجه الطبري والبستي بنحوه من طرق أخرى تقويه.
(٦) نسبه السيوطي في الدر المنثور إلى عبد بن حميد.