للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من جنس عملهم فكما متعوا أنفسهم واستكبروا عن اتباع الحق وتعاطوا الفسق والمعاصي، جازاهم الله بعذاب الهون، وهو الإهانة والخزي والآلام الموجعة والحسرات المتتابعة والمنازل في الدركات المفظعة، أجارنا الله من ذلك.

﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٢١) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٢) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (٢٣) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (٢٥)﴾.

يقول تعالى مسليًا لنبيه في تكذيب من كذب من قومه ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ﴾ وهو هود ، بعثه الله إلى عاد الأولى وكانوا يسكنون الأحقاف، جمع حقف وهو الجبل من الرمل (١)، قاله ابن زيد.

وقال عكرمة: الأحقاف: الجبل والغار.

وقال علي بن أبي طالب : الأحقاف وادٍ بحضرموت يدعى: برهوت تلقى فيه أرواح الكفار (٢).

وقال قتادة: ذكر لنا أن عادًا كانوا حيًا باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها: الشحر (٣).

قال ابن ماجه: باب إذا دعا فليبدأ بنفسه. حدثنا الحسين بن علي الخلال، حدثنا أبي، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "يرحمنا الله وأخا عاد" (٤).

وقوله تعالى: ﴿وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ يعني: وقد أرسل الله تعالى إلى من حول بلادهم في القرى مرسلين ومنذرين كقوله: ﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا﴾ [البقرة: ٦٦] وكقوله: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا (٥) فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ﴾ [فصلت: ١٣، ١٤] (٦) أي: قال لهم هود ذلك فأجابه قومه قائلين ﴿أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا﴾ أي: لتصدنا عن آلهتنا ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٢) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) أخرجه ابن ماجه بسنده ومتنه (السنن، الدعاء، باب إذا دعا أحدكم فليبدأ بنفسه ح ٣٨٥٢) وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه (ح ٨٤٠).
(٥) كذا في (حم) وفي الأصل خطا بلفظ: "تولوا".
(٦) وقد جاء بعدها قوله تعالى: ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الأحقاف: ٢١] وهو خلط بين الآية ١٣ في فصلت وبين الآية ٣ في سورة هود.