للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حكيم، عن يزيد بن هارون به مرفوعًا (١).

وقوله: ﴿وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ كقوله: ﴿يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥)[الدخان] كقوله: ﴿فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (٥٢)[الرحمن].

وقوله: ﴿وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ أي: مع ذلك كله. وقوله: ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ﴾ [أي: هؤلاء الذين ذكرنا منزلتهم من الجنة كمن هو خالد في النار؟] (٢) ليس هؤلاء كهؤلاء، وليس من هو في الدرجات كمن هو في الدركات ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا﴾ أي: حارًا شديد الحر لا يستطاع ﴿فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾ أي: قطع ما في بطونهم من الأمعاء والأحشاء - عياذًا بالله تعالى من ذلك.

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (١٦) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (١٨) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (١٩)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن المنافقين في بلادتهم وقلة فهمهم، حيث كانوا يجلسون إلى رسول الله ويستمعون كلامه فلا يفهمون منه شيئًا فإذا خرجوا من عنده ﴿قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ من الصحابة ﴿مَاذَا قَالَ آنِفًا﴾ أي: الساعة. لا يعقلون ما قال ولا يكترثون له. قال الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ أي: فلا فهم صحيح ولا قصد صحيح.

ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ أي: والذين قصدوا الهداية وفقهم الله تعالى لها فهداهم إليها وثبتهم عليها وزادهم منها ﴿وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ أي: ألهمهم رشدهم.

وقوله: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً﴾ أي: وهم غافلون عنها ﴿فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾ أي: أمارات اقترابها كقوله تعالى: ﴿هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧)[النجم] وكقوله: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)[القمر] وقوله : ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل: ١]، وقوله: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١)[الأنبياء]، فبعثة رسول الله من أشراط الساعة؛ لأنه خاتم الرسل الذي أكمل الله تعالى به الدين وأقام به الحجة على العالمين.

وقد أخبر بأمارات الساعة وأشراطها وأبان عن ذلك وأوضحه بما لم يؤته نبي قبله، كما هو مبسوط في موضعه.

وقال الحسن البصري: بعثة محمد من أشراط الساعة (٣). وهو كما قال ولهذا جاء في أسمائه أنه نبي التوبة ونبي الملحمة، والحاشر الذي يحشر الناس على قدميه، والعاقب الذي ليس بعده نبي.


= إياس اختلط ورواية يزيد بن هارون بعد الاختلاط (تهذيب التهذيب ٤/ ٥ - ٧).
(١) ذكره ابن القيم سند ابن مردوية عن محمد بن أحمد، حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى حدثنا مهدي بن حكيم (حادي الأرواح ص ١٧٣) وسنده كسابقه.
(٢) زيادة من (حم) و (مح).
(٣) ذكره النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١٨٥.