للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما ظهر فضل آدم على الملائكة في سرده ما علَّمه اللّه تعالى من أسماء الأشياء قال اللّه تعالى للملائكة: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ أي: ألم أتقدم إليكم أني أعلم الغيب الظاهر والخفي؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (٧)[طه] وكما قال تعالى إخبارًا عن الهدهد أنه قال لسليمان: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (٢٥) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦)[النمل].

وقيل في قوله تعالى: ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ غير ما ذكرناه؛ فروى الضحاك (١) عن ابن عباس: ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ - قال: أعلم السر كما أعلم العلانية؛ يعني: ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والاغترار.

وقال السدي (٢)، عن أبي مالك؛ وعن أبي صالح، عن ابن عباس؛ وعن مرة، عن ابن مسعود؛ وعن ناس من الصحابة؛ قال: قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ … ﴾ [البقرة: ٣٠] (الآية) (٣) فهذا الذي أبدوا؛ ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ يعني: ما أسر إبليس في نفسه من الكبر والاغترار.

وكذلك قال سعيد بن (٤) جبير، ومجاهد، والسدي، والضحاك، والثوري (٥). واختار ذلك ابن جرير (٦).

وقال أبو العالية (٧)، والربيع (٨) بن أنس، والحسن (٩)، وقتادة (١٠): هو قولهم: (لن) (١١) يخلق ربنا خلقًا إلا كنا (نحن) (١٢) أعلم منه، وأكرم (عليه منه) (١٣).


(١) أخرجه ابن جرير (٦٧٨) من طريق بشر بن عمارة، عن أبى روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، وسنده ضعيف؛ وأخرجه ابن أبي حاتم (٣٥٨) من طريق الفضل بن خالد النحوي، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس، وسنده ضعيف أيضًا، والضحاك لم يسمع من ابن عباس.
(٢) أخرجه ابن جرير (٦٧٩). و [سنده ضعيف].
(٣) من (ن).
(٤) أخرجه ابن جرير (٦٨٠)، وفي إسناده عمرو بن ثابت بن هرمز، وهو متروك؛ رافضي خبيث كما قال أبو داود.
(٥) أخرجه ابن جرير (٦٨١)، وسنده جيد.
(٦) في (١/ ٥٠٠، ٥٠١).
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٦٠) وسنده حسن.
(٨) أخرجه ابن جرير (٦٨٤)؛ وابن أبي حاتم (٣٦١).
(٩) أخرجه ابن جرير (٦٨٢) قال: وحدثني المثنى بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحجاج الأنماطي، قال: حدثنا مهدي بن ميمون قال: سمعت الحسن بن دينار قال للحسن، ونحن جلوس عنده في منزله، يا أبا سعيد! أرأيت قول اللّه للملائكة: ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: ٣٣] ما الذي كتمت الملائكة؟ فقال الحسن: إن الله لما خلق آدم رأت الملائكة خلقًا عجيبًا، فكأنهم دخلهم من ذلك شيء، فأقبل بعضهم إلى بعض، وأسروا ذلك بينهم، فقالوا: "وما يهمكم من هذا المخلوق، إن الله لن يخلق خلقًا إلا كنا أكرم عليه منه".
ورجال السند ثقات معروفون إلا شيخ ابن جرير فلم أعرفه ولم أجد له ترجمة، والحسن بن دينار لا مدخل له في الرواية إنما هو سائل، وإنما يرويه مهدي بن ميمون عن الحسن البصري، وابن دينار تالف البتة.
وقد نبه على ذلك الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "تفسير الطبري" (١/ ٤٩٩).
(١٠) أخرجه ابن جرير (٦٨٣) وسنده صحيح.
(١١) في (ز)، (ل)، (ن): "لم".
(١٢) من (ج) و (ى).
(١٣) ساقط من (ج).