للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال الناس: هنيئًا لابن عفان يطوف بالبيت ونحن ههنا. فقال رسول الله : "لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف" (١).

﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢٠) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (٢١) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٢٢) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٢٣) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٢٤)﴾.

قال مجاهد في قوله: ﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا﴾ هي جميع المغانم إلى اليوم (٢).

﴿فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ﴾ يعني: فتح خيبر (٣)، وروى العوفي، عن ابن عباس ﴿فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ﴾: يعني: صلح الحديبية (٤).

﴿وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ﴾ أي: لم ينلكم سوء مما كان أعداؤكم أضمروه لكم من المحاربة والقتال، وكذلك كفَّ أيدي الناس عنكم الذين خلفتموهم وراء ظهوركم عن عيالكم وحريمكم.

﴿وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: يعتبرون بذلك، فإن الله تعالى حافظهم وناصرهم على سائر الأعداء مع قلة عددهم، وليعلموا بصنيع الله هذا بهم إنه العالم بعواقب الأمور، وإن الخيرة فيما يختاره لعباده المؤمنين وإن كرهوه في الظاهر كما قال: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٦]. ﴿وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ أي: بسبب انقيادكم لأمره واتباعكم طاعته، وموافقتكم رسوله .

وقوله: ﴿وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (٢١)﴾ أي: وغنيمة أخرى وفتحًا آخر معينًا لم تكونوا تقدرون عليها، قد يسرها الله عليكم وأحاد بها لكم، فإنه تعالى يرزق عباده المتقين له من حيث لا يحتسبون.

وقد اختلف المفسرون في هذه الغنيمة ما المراد بها فقال العوفي، عن ابن عباس: هي خيبر (٥)، وهذا على قوله تعالى: ﴿فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ﴾ إنها صلح الحديبية، وقاله الضحاك وابن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (٦).


(١) سنده ضعيف لضعف موسى بن عبيدة، وأخرجه الطبراني من طريق موسى به (المعجم الكبير ١/ ٩٠) وضعفه الهيثمي. (مجمع الزوائد ٩/ ٨٤).
(٢) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٣) تخريجه كسابقه.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به بلفظ: "الصلح".
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، ويتقوى بما يليه.
(٦) أخرجه البستي بسند حسن من طريق وهب بن جرير عن أبيه عن ابن إسحاق، وأخرجه البستي أيضًا بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.