للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال سفيان الثوري: ﴿لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ بقول ولا فعل.

وقال الحسن البصري: ﴿لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ قال: لا تدعوا قبل الإمام.

وقال قتادة: ذُكر لنا أن ناسًا كانوا يقولون لو أنزل في كذا وكذا، لو صنع كذا، فكره الله تعالى ذلك (١). وتقدم فيه ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ أي: فيما أمركم به ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ﴾ أي: لأقوالكم ﴿عَلِيمٌ﴾ بنياتكم.

وقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ هذا أدب ثانٍ أدَّب الله تعالى به المؤمنين أن لا يرفعوا أصواتهم بين يدي النبي فوق صوته، وقد روي أنها نزلت في الشيخين أبي بكر وعمر .

وقال البخاري: حدثنا يَسرة بن صفوانَ اللخمي، حدثا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: كاد الخيِّران أن يهلكا أبو بكر وعمر ، رفعا أصواتهما عند النبي حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، قال نافع: لا أحفظ اسمه، فقال أبو بكر لعمر : ما أردت إلا خلافي، قال: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢)﴾ قال ابن الزبير : فما كان عمر يسمع رسولَ الله بعد هذه الآية حتى يستفهمه، ولم يذكر ذلك عن أبيه يعني أبا بكر (٢). انفرد به دون مسلم.

ثم قال البخاري: حدثنا حسن بن محمد، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، حدثني ابن أبي مليكة أن عبد الله بن الزبير أخبره أنه قدم ركب من بني تميم على النبي فقال أبو بكر: أمِّر القعقاع بن معبد، وقال عمر : بل أمِّر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزلت في ذلك ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ حتى انقضت الآية (٣). ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ﴾ [الحجرات: ٥] الآية. وهكذا رواه ههنا منفردًا به أيضًا.

وقال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا الفضل بن سهل، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا حصين بن عمر، عن مخارق، عن طارق بن شهاب، عن أبي بكر الصديق قال: لما نزلت هذه الآية ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ قلت: يا رسول الله والله لا أكلمك إلا كأخي السرار (٤). حصين بن عمر، هذا وإن كان ضعيفًا لكن قد رويناه من حديث


= أمورهم، ولا يصلح أن يقضى إلا بأمره ما كان من شرائع دينهم". وبهذا اللفظ أخرجه الطبري.
(١) أخرجه الطبري بسند رجاله ثقات لكنه مرسل.
(٢) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير باب ﴿لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ [الحجرات: ٢] ح ٤٨٤٥).
(٣) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤)﴾ [الحجرات] ح ٤٨٤٧).
(٤) أخرجه البزار بسنده ومتنه (مختصر زوائد مسند البزار ٢/ ١٠٦ ح ١٥٠٥) وسنده ضعيف جدًا لأن حصين بن عمر متروك كما في التقريب ومجمع الزوائد (٧/ ١١٢) وله شاهد يقويه كما يليه.