للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة (١) بنحو ذلك، والله أعلم.

وقال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا أزهر بن سعد، أخبرنا ابن عون، أنبأني موسى بن أنس، عن أنس بن مالك ، أن النبي افتقد ثابت بن قيس فقال رجل: يا رسول الله أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده في بيته منكسًا رأسه فقال له: ما شأنك؟ فقال: [شر] (٢) كان يرفع صوته فوق صوت النبي فقد حبط عمله فهو من أهل النار (٣)، فأتى الرجل النبي فأخبره أنه قال كذا وكذا، قال موسى: فرجع إليه المرة الأخرة ببشارة عظيمة فقال: "اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة" (٤). تفرد به البخاري من هذا الوجه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا هاشم، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: لما نزلت هذه الآية ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ وكان ثابت بن قيس بن الشماس رفيع الصوت فقال: أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله ، أنا من أهل النار حبط عملي وجلس في أهله حزينًا ففقده رسول الله فانطلق بعض القوم إليه فقالوا له: تفقدك رسول الله ما لك؟ قال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي وأجهر له بالقول حبط عملي أنا من أهل النار، فأتوا النبي فأخبروه بما قال، فقال النبي : "لا، بل هو من أهل الجنة" قال أنس: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة، فلما كان يوم اليمامة كان فينا بعض الانكشاف، فجاء ثابت بن قيس بن شماس، وقد تحنط ولبس كفنه فقال: بئسما تعودون أقرانكم فقاتلهم حتى قتل (٥).

وقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: لما نزلت هذه الآية ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ إلى آخر الآية، جلس ثابت في بيته قال: أنا من أهل النار، واحتبس عن النبي فقال النبي لسعد بن معاذ: "يا أبا عمرو ما شأن ثابت أَشتكى؟ " فقال سعد: إنه لجاري وما علمت له بشكوى. قال: فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله فقال ثابت: أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتًا على رسول الله فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعد للنبي فقال رسول الله : "بل هو من أهل الجنة" (٦). ثم رواه مسلم، عن أحمد بن


(١) حديث أبي هريرة أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي. (المستدرك ٢/ ٤٦٢)، وحسنه الذهبي في ميزان الاعتدال ٣/ ٦٧٣.
(٢) كذا في (حم) و (مح)، وفي الأصل: "بشر".
(٣) ظن ثابت بن قيس ذلك لأنه كان خطيبًا لوفد بني تميم (ينظر البداية والنهاية ٥/ ٤٢، وفتح الباري ٨/ ٥٩١) وهذا من ورعه .
(٤) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ [الحجرات: ٢] ح ٤٨٤٦).
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ١٣٧) وسنده صحيح.
(٦) أخرجه مسلم بسنده ومتنه (الصحيح، الإيمان، باب مخافة المؤمن أن يحبط عمله ح ١١٩/ ١٨٧).