للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن جرير: حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث المروزي، حدثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ﴾ قال: جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا محمد، إن حمدي زين وذمي شين، فقال : "ذاك الله ﷿" (١). وهكذا ذكره الحسن البصري وقتادة مرسلًا (٢).

وقال سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي عمرة قال: كان بشر بن غالب ولبيد بن عطارد أو بشر بن عطارد ولبيد بن غالب، وهما عند الحجاج جالسان، فقال بشر بن غالب للبيد بن عطارد: نزلت في قومك بني تميم ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ﴾ قال: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير، فقال: أما إنه لو علم بآخر الآية أجابه ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا﴾ [الحجرات: ١٧] قالوا: أسلمنا ولم يقاتلك بنو أسد (٣).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن علي الباهلي، حدثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت داود الطفاوي يحدث عن أبي مسلم البجلي، عن زيد بن أرقم قال: اجتمع أناس من العرب فقالوا: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يكُ نبيًا فنحن أسعد الناس به، وإن يكُ ملكًا نعش بجناحه. قال: فأتيت رسول الله فأخبرته بما قالوا: فجاؤوا إلى حجرة النبي فجعلوا ينادونه وهو في حجرته: يا محمد يا محمد، فأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤)﴾ قال: فأخذ رسول الله بأُذني، فمدها فجعل يقول: "لقد صدق الله تعالى قولك يا زيد، لقد صدق الله قولك يا زيد" ورواه ابن جرير، عن الحسن بن عرفة، عن المعتمر بن سليمان به (٤).

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨)﴾.

يأمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليحتاط له لئلا يحكم بقوله، فيكون في نفس الأمر كاذبًا أو مخطئًا، فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه، وقد نهى الله ﷿ عن اتباع سبيل المفسدين، ومن هاهنا امتنع طوائف من العلماء من قبول رواية مجهول الحال لاحتمال فسقه في نفس الأمر، وقبلها آخرون لأنا إنما أمرنا بالتثبت عند خبر الفاسق، وهذا ليس بمحقق الفسق لأنه مجهول


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وقال الحافظ ابن كثير: إسناد جيد متصل. (البداية والنهاية ٥/ ٤٦).
(٢) قول قتادة أخرجه عبد الرزاق عن معمر عنه، ورجاله ثقات لكنه مرسل. وهذان المرسلان يقوي أحدهما الآخر ويقويان الرواية السابقة، ويتقويان بها.
(٣) أخرجه الطبري عن ابن حميد عن مهران عن سفيان به، وفي سنده ابن حميد وهو محمد بن حميد الرزاي وهو ضعيف والخبر مرسل ويتقوى بما سبق.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده داود بن راشد الطفاوي لين الحديث كما في التقريب. وفيه غرابة في قوله فأخذ رسول الله بأذني فمدها …