للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقول: "إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم" فقال أبو الدرداء كلمة سمعها معاوية من رسول الله نفعه الله تعالى بها، ورواه أبو داود منفردًا به من حديث الثوري به (١).

وقال أبو داود أيضًا: حدثنا سعيد بن عمرو الحضرمي، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن جبير بن نفير وكثير بن مرة، وعمرو بن الأسود والمقدام بن معديكرب وأبي أُمامة عن النبي قال: "إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم" (٢).

﴿وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ أي: على بعضكم بعضًا والتجسس غالبًا يطلق في الشر ومنه الجاسوس. وأما التحسس فيكون غالبًا في الخير كما قال تعالى إخبارًا عن يعقوب أنه قال: ﴿يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٧] وقد يستعمل كل منهما في الشر كما ثبت في الصحيح أن رسول الله قال: "لا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا" (٣).

وقال الأوزاعي: التجسس: البحث عن الشيء. والتحسس: الاستماع إلى حديث القوم وهم له كارهون أو يتسمع على أبوابهم، والتدابر: الصرم (٤). رواه ابن أبي حاتم عنه.

وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ فيه نهي عن الغيبة، وقد فسرها الشارع كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود: حدثنا القعنبي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله ما الغيبة؟ قال : "ذكرك أخاك بما يكره" قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال : "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته" (٥). ورواه الترمذي، عن قتيبة، عن الدراوردي به وقال: حسن صحيح. ورواه ابن جرير، عن بندار، عن شعبة، عن العلاء (٦). وهكذا قال ابن عمر ومسروق وقتادة وأبو إسحاق ومعاوية بن قرة.

وقال أبو داود: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن [سفيان] (٧)، حدثني علي بن [الأقمر] (٨)، عن أبي حذيفة، عن عائشة قالت: قلت للنبي : حسبك من صفية كذا وكذا. قال غير مسدد:


(١) سنن أبي داود، الأدب، النهي عن التجسس (ح ٤٨٨٨) وصححه العراقي (تخريج إحياء علوم الدين (ح ١٧٣٤) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٤٠٨٨).
(٢) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه (السنن، الباب السابق ح ٤٨٨٩)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٤٠٨٩).
(٣) صحيح البخاري، الأدب، باب ما ينهى عن التحاسد (ح ٦٠٦٤).
(٤) أي: أن يهجر كل واحد صديقه أو أخاه.
(٥) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه (السنن، الأدب، باب في الغيبة ح ٤٨٧٤)، وأخرجه مسلم من طريق العلاء به بنحوه (الصحيح، البر والصلة، باب تحريم الغيبة ح ٢٥٨٩).
(٦) أخرجه الطبري والترمذي (السنن، البر، باب ما جاء في الغيبة ح ١٩٣٥) وسنده صحيح كسابقه.
(٧) زيادة من (حم) و (مح).
(٨) كذا في (حم) و (مح)، وسنن أبي داود، وفي الأصل صُحف إلى: "الأحمر".