للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة: ٣١] ثم عرض الخلق على الملائكة، ﴿فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: ٣١] أن بني آدم يفسدون في الأرض، ويسفكون الدماء؛ فقالوا: ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قَالَ﴾ [البقرة] الله: ﴿يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: ٣٣]، قال: قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا﴾ [البقرة: ٣٠] فهذا الذي أبدوا ﴿وَأَعْلَمُ﴾ [البقرة: ٣٣] ما (كنتم) (١) ﴿تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: ٣٣] يعني: ما أسر إبليس في نفسه من الكبر.

فهذا الإسناد إلى هؤلاء الصحابة مشهور في "تفسير السدي"، ويقع فيه إسرائيليات كثيرة، فلعل بعضها مدرج ليس من كلام الصحابة، أو أنهم أخذوه من بعض الكتب المتقدمة. والله أعلم.

والحاكم يروى في "مستدركه" بهذا الإسناد بعينه أشياء، ويقول: " (هو) (٢) على شرط البخاري" (٣).

والغرض أن الله تعالى لما أمر الملائكة بالسجود لآدم دخل إبليس في خطابهم؛ لأنه وإن لم يكن من عنصرهم إلا أنه كان قد تشبه بهم، (وتوسم) (٤) بأفعالهم؛ فلهذا دخل في الخطاب لهم، وذُم في مخالفة الأمر. وسنبسط المسألة إن شاء الله تعالى عند قوله: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف: ٥٠].

ولهذا قال محمد بن إسحاق (٥)، عن خلاد، (عن) (٦) عطاء، عن طاوس، عن ابن عباس؛ قال: كان إبليس قبل أن يركب المعصية من الملائكة اسمه (عزازيل) (٧)، وكان من سكان الأرض وكان من أشد الملائكة اجتهادًا، وأكثرهم علمًا؛ (فذلك) (٨) دعاه إلى الكبر، وكان من حي يسمون: "حنًّا".

وفي رواية (٩): عن خلاد، عن عطاء، عن طاوس أو مجاهد، عن ابن عباس، أو غيره، بنحوه.


(١) ساقط من (ج).
(٢) ساقط من (ز) و (ن).
(٣) كذا قال ابن كثير ، وقد راجعت "كتاب التفسير" من "المستدرك" وهو مظنة الإكثار من الرواية بهذا الإسناد، فلم أر الحاكم صرَّح فيه أن هذا الإسناد على شرط البخاري، وإنما يقول: على شرط مسلم.
وانظر مثلًا (٢/ ٢٥٨، ٢٦٠، ٢٧٣، ٢٧٥، ٣٢٢، ٥٧٩، ٥٩٠ (مرتان)، ٥٩٣) وفي (٢/ ٢٦٦) روى أثرًا من طريق عمرو بن طلحة، ثنا أسباط بن نصر، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، وقال: صحيح الإسناد. ولم يقيده بشرط مسلم. وساق في (٢/ ٢٧١) نفس هذا الإسناد وقال: على شرط مسلم.
وذكره في (٢/ ٥٨٤) ولم يحكم عليه. والصواب أن هذا الإسناد ليس على شرط واحد منهما. وأبو مالك اسمه غزوان، ولم يخرجا له شيئًا. وقد قدمت في (١/ ٤٨٨، ٤٩٠) أن هذا الإسناد حسن، والله أعلم.
(٤) كذا في (ز) و (ع) و (ل) و (ن) و (هـ) و (ي). ووقع في (ج) و (ك): "ترسم" بالراء بدل الواو.
(٥) أخرجه ابن جرير (٦٨٦) وأيضًا (١٥/ ١٦٩) قال: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق به وهذا سند ضعيف، وابن حميد واهٍ ولكنه توبع كما يأتي، وسلمة ضعيف.
(٦) كذا في (ز) و (ك) و (هـ). ووقع في (ج) و (ع) و (ل) و (ن) و (ى): "ابن"! وهو تصحيف واضح.
(٧) في حاشية (ج): "عزرائيل".
(٨) من (ز)؛ وفي (ج) و (ك) و (ل) و (ن) و (هـ) و (ى): "فلذلك".
(٩) هي عند ابن جرير (٦٨٧) من طريق شيخه محمد بن حميد الرازي، ثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن خلاد به فشك فيه فقال: "طاوس أو مجاهد". =