للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَزِيدٍ﴾ وهل في مدخل واحد قد امتلأت (١)؟

قال الوليد بن مسلم، عن يزيد بن أبي مريم أنه سمع مجاهدًا يقول: لا يزال يقذف فيها حتى تقول: امتلأت، فتقول: ﴿هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾؟ (٢). وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحو هذا (٣). فعند هؤلاء أن قوله تعالى: ﴿هَلِ امْتَلَأْتِ﴾ إنما هو بعدما يضع عليها قدمه فتنزوي وتقول حينئذٍ هل بقي فيَّ مزيد يسع شيئًا؟ قال العوفي عن ابن عباس: وذلك حين لا يبقى فيها موضع يسع إبرة (٤)، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١)﴾ قال قتادة وأبو مالك والسدي ﴿وَأُزْلِفَتِ﴾ أدنيت (٥) وقربت من المتقين. ﴿غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ وذلك يوم القيامة، وليس ببعيد لأنه واقع لا محالة وكل ما هو آت قريب

﴿هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ﴾ أي: راجع تائب مقلع ﴿حَفِيظٍ﴾ أي: يحفظ العهد فلا ينقضه ولا ينكثه.

وقال عبيد بن عمرو: الأواب الحفيظ الذي لا يجلس مجلسًا فيقوم حتى يستغفر الله ﷿ (٦).

﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ﴾ أي: من خاف الله في سره حيث لا يراه أحد إلا الله كقوله : "ورجل ذكر الله تعالى خاليًا، ففاضت عيناه" (٧).

﴿وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ﴾ أي: ولقي الله يوم القيامة بقلب منيب سليم إليه خاضع لديه ﴿ادْخُلُوهَا﴾ أي: الجنة ﴿بِسَلَامٍ﴾.

قال قتادة: سلموا من عذاب الله، وسلَّم عليهم ملائكة الله.

وقوله: ﴿ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ أي: يخلدون في الجنة فلا يموتون أبدًا، ولا يظعنون أبدًا ولا يبغون عنها حولًا،

وقوله: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا﴾ أي: مهما اختاروا وجدوا من أي أصناف الملاذ طلبوا أحضر لهم.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا عمر بن عثمان، حدثنا بقية، عن يحيى بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة قال: من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول: ماذا تريدون فأمطره لكم؟ فلا يدعون بشيء إلا أمطرتهم، قال كثير: لئن أشهدني الله تعالى ذلك لأقولن أمطرينا جواري مزينات (٨).

وفي الحديث عن ابن مسعود قال: إن رسول الله قال له: "إنك لتشتهي الطير في الجنة


(١) فيه غرابة ومخالفة لما ثبت في الروايات الصحيحة المرفوعة المتقدمة.
(٢) سنده حسن، وأخرج آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: "وهل من مسلك؟ ".
(٣) أخرجه الطبري بسنده صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زيد.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٦) تقدم تخريجه في تفسير سورة الإسراء آية ٢٥.
(٧) تقدم تخريجه في تفسير سورة البقرة آية ٢٧١.
(٨) في سنده عنعنة بقية وهو من كبار المدلسين، وفي متنه غرابة فإن أهل الجنة بين ظهورهم الجواري المزينات لا يحتاجون أن تمطر من الجواري المزينات.