للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ﴾ أي ولست بالذي تجبر هؤلاء على الهدى، وليس ذلك مما كلفت به.

وقال مجاهد وقتادة والضحاك: ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ﴾ أي: لا تتجبر عليهم (١). والقول الأول أولى، ولو أراد ما قالوه لقال: ولا تكن جبارًا عليهم، وإنما قال: ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ﴾ بمعنى وما أنت بمجبرهم على الإيمان إنما أنت مبلغ.

وقال الفراء: سمعت العرب تقول جبر فلان فلانًا على كذا أجبره (٢).

ثم قال تعالى: ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ﴾ أي: بلغ أنت رسالة ربك فإنما يتذكر من يخاف الله ووعيده ويرجو وعده، كقوله تعالى: ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾ [الرعد: ٤٠] وقوله: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)[الغاشية] ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة] ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: ٥٦] ولهذا قال تعالى ههنا: ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ﴾ كان قتادة يقول: اللَّهُمَّ اجعلنا ممن يخاف وعيدك ويرجو موعودك يا بار يا رحيم.

آخر تفسير سورة ق، والحمد لله وحده وحسبنا الله ونعم الوكيل.


(١) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) معاني القرآن ٣/ ٨١.