للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله قال: قرأت على النبي "فهل من مذكر" (١)، وقال النبي : ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (٢).

وروى البخاري أيضًا من حديث شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله قال: كان رسول الله يقرأ ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (٣).

وقال: حدثنا أبو نعيم، حدثنا زهير، عن أبي إسحاق أنه سمع رجلًا سأل الأسود فهل من مذكر أو مدكر، قال: سمعت عبد الله يقرأ ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ وقال: سمعت رسول الله يقرؤها ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ دالًا (٤). وقد أخرج مسلم هذا الحديث وأهل السنن إلا ابن ماجه من حديث أبي إسحاق (٥).

وقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٦)﴾ أي: كيف كان عذابي لمن كفر بي وكذب رسلي؟ ولم يتعظ بما جاءت به نذري، وكيف انتصرت لهم وأخذت لهم بالثأر؟

﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ أي: سهلنا لفظه ويسرنا معناه لمن أراده ليتذكر الناس، كما قال: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)[ص] وقال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (٩٧)[مريم].

قال مجاهد: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ يعني: هونا قراءته (٦).

وقال السدي: يسرنا تلاوته على الألسن.

وقال الضحاك، عن ابن عباس: لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله ﷿ (٧).

قلت: ومن تيسيره تعالى على الناس تلاوة القرآن ما تقدم عن النبي أنه قال: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف" (٨) وأوردنا الحديث بطرقه وألفاظه بما أغنى عن إعادته ههنا ولله الحمد والمنة.

وقوله: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ أي: فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يسر الله حفظه ومعناه؟ وقال محمد بن كعب القرظي: فهل من منزجر عن المعاصي (٩)؟


(١) كذا في (ح) وصحيح البخاري، وفي الأصل صحفت إلى: "فهل من مدكر".
(٢) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨). . .﴾ [القمر] ح ٤٨٧٤).
(٣) المصدر السابق (ح ٤٨٧٣).
(٤) المصدر السابق باب ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ. . .﴾ [القمر: ٢٠] (ح ٤٨٧١).
(٥) صحيح مسلم، صلاة المسافرين، باب ما يتعلق بالقراءات (ح ٨٢٣) وسنن أبي داود، الحروف والقراءات (ح ٣٩٩٤)، وسنن الترمذي، القراءات، باب ومن سورة القمر (ح ٢٩٣٧)، والسنن الكبرى للنسائي، التفسير، باب ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)﴾ [القمر] (ح ١١٥٥٥).
(٦) أخرجه آدم والفريابي (تغليق التعليق ٥/ ٣٧٨)، والطبري كلهم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) سنده ضعيف لأن الضحاك لم يلق ابن عباس .
(٨) أخرجه البخاري (الصحيح، فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف ح ٤٩٩١).
(٩) عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.