للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا الحسن بن رافع، حدثنا ضمرة، عن ابن شوذب، عن مطر هو الوراق في قوله تعالى: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ هل من طالب علم فيعان (١) عليه؟ وكذا علقه البخاري بصيغة الجزم عن مطر الوراق (٢)، ورواه ابن جرير، وروى عن قتادة مثله (٣).

﴿كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن عاد قوم هود، إنهم كذبوا رسولهم أيضًا، كما صنع قوم نوح وأنه تعالى أرسل عليهم ﴿رِيحًا صَرْصَرًا﴾ وهي الباردة الشديدة البرد ﴿فِي يَوْمِ نَحْسٍ﴾ أي: عليهم، قاله الضحاك وقتادة والسدي (٤) ﴿مُسْتَمِرٍّ﴾ عليهم نحسه ودماره لأنه يوم اتصل فيه عذابهم الدنيوي بالأخروي.

وقوله: ﴿تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠)﴾ وذلك أن الريح كانت تأتي أحدهم فترفعه حتى تغيبه عن الأبصار، ثم تنكسه على أم رأسه فيسقط على الأرض، فتثلغ رأسه فيبقى جثة بلا رأس، ولهذا قال: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢)﴾.

﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦) إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (٢٩) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢)﴾.

وهذا إخبار عن ثمود أنهم كذبوا رسولهم صالحًا ﴿فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٢٤)﴾ يقولون: لقد خبنا وخسرنا إن سلمنا كلنا قيادنا لواحد منا.

ثم تعجبوا من إلقاء الوحي عليه خاصة من دونهم ثم رموه بالكذب فقالوا: ﴿بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ﴾ أي: متجاوز في حدِّ الكذب،

قال الله تعالى: ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦)﴾ وهذا تهديد لهم شديد ووعيد أكيد.

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ﴾ أي: اختبارًا لهم، أخرج الله لهم ناقة عظيمة عشراء، من صخرة صَمَّاء طبق ما سألوا، لتكون حجة الله عليهم في تصديق صالح فيما جاءهم به، ثم قال تعالى آمرًا لعبده ورسوله صالح: ﴿فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ﴾ أي: انتظر ما يؤول إليه أمرهم، واصبر عليهم فإن العاقبة لك، والنصر في الدنيا والآخرة

﴿وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ﴾ أي: يوم لهم ويوم للناقة كقوله: ﴿قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥)[الشعراء].


(١) أخرجه الفريابي في تفسيره عن ضمرة به (ينظر: تغليق التعليق ٥/ ٣٧٩) وسنده حسن.
(٢) المصدر السابق.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخه. وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.