للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (٦) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (٩) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (١٠) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (١١) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (١٢) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٣)﴾.

يخبر تعالى عن فضله ورحمته بخلقه أنه أنزل على عباده القرآن، ويسر حفظه وفهمه على من رحمه فقال تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤)﴾.

قال الحسن: يعني النطق.

وقال الضحاك وقتادة وغيرهما: يعني الخير والشر (١)، وقول الحسن ههنا أحسن وأقوى لأن السياق في تعليمه تعالى القرآن، وهو أداء تلاوته، وإنما يكون ذلك بتيسير النطق على الخلق وتسهيل خروج الحروف من مواضعها من الحلق واللِّسان والشفتين على اختلاف مخارجها وأنواعها.

وقوله تعالى: ﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (٥)﴾ أي: يجريان متعاقبين بحساب مقنن لا يختلف ولا يضطرب ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)[يس] وقال تعالى: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦)[الأنعام].

وعن عكرمة أنه قال: لو جعل الله نور جميع أبصار الإنس والجنَّ والدواب والطير في عيني عبد، ثم كشف حجابًا واحدًا من سبعين حجابًا دون الشمس، لما استطاع أن ينظر إليها. ونور الشمس جزء من سبعين جزءًا من نور الكرسي، ونور الكرسي جزء من سبعين جزءًا من نور العرش، ونور العرش جزء من سبعين جزءًا من نور الستر. فانظر ماذا أعطى الله عبده من النور في عينيه وقت النظر إلى وجه ربه الكريم عيانًا، رواه ابن أبي حاتم (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (٦)﴾ قال ابن جرير: اختلف المفسرون في معنى قوله: ﴿وَالنَّجْمُ﴾ بعد إجماعهم على أن الشجر ما قام على ساق (٣)، فروى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: النجم ما انبسط على وجه الأرض (٤)؛ يعني: من النبات، وكذا قال سعيد بن جبير والسدي وسفيان الثوري (٥)، وقد اختاره ابن جرير رحمه الله تعالى.

وقال مجاهد: النجم الذي في السماء (٦). وكذا قال الحسن وقتادة (٧)، وهذا القول هو الأظهر


(١) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أبي العوام عن قتادة.
(٢) سنده ضعيف لإرساله وغرابته.
(٣) ذكره الطبري بنحوه.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٥) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق شريك عن السدي.
(٦) أخرجه الطبري وآدم بن أبي إياس بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن =