للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإنس والجن، فهي من أدلِّ دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا واتقوا، ولهذا امتنَّ الله تعالى على الثقلين بهذا الجزاء فقال: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٧)﴾ ثم نعتَ هاتين الجنتين فقال: ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (٤٨)﴾ أي: أغصان نضرة حسنة تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٩)﴾؟ هكذا قال عطاء الخراساني وجماعة أن الأفنان أغصان الشجر يمس بعضها بعضًا (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا مسلم بن قتيبة، حدثنا عبد الله بن النعمان، سمعت عكرمة يقول: ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (٤٨)﴾ يقول: ظل الأغصان على الحيطان، ألم تسمع قول الشاعر (٢):

ما هاج شوقك من هديل حمامة … تدعو على فنن الغصون حماما

تدعو أبا فرخين صادف … طاويًا ذا مخلبين من الصقور قطاما (٣)

وحكى البغوي عن مجاهد وعكرمة والضحاك والكلبي، أنه [الغصن المستقيم طوالا] (٤) (٥).

قال: وحدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا عبد السلام بن حرب، حدثنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (٤٨)﴾ ذواتا ألوان (٦). قال: وروي عن سعيد بن جبير والحسن والسدي [وخصيف] (٧) والنضر بن عربي وابن سنان مثل ذلك (٨)، ومعنى هذا القول أن فيهما فنونًا من الملاذ، واختاره ابن جرير.

وقال عطاء: كل غصن يجمع فنونًا من الفاكهة (٩).

وقال الربيع بن أنس: ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (٤٨)[واسعتا الفنان وكل هذه الأقوال صحيحة ولا منافاة بينها، والله أعلم.

وقال قتادة: ذواتا أفنان] (١٠) يعني بسعتها وفضلها ومزيتها على ما سواها (١١).

وقال محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: سمعت رسول الله وذكر سدرة المنتهى، فقال: "يسير في ظل الفنن منها الراكب مائة سنة - أو قال: يستظل في ظل الفنن منها مائة راكب - فيها فراش الذهب كأن ثمرها


(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق رجل من أهل البصرة عن مجاهد.
(٢) هو ثابت بن كعب، وقد استشهد به الطبري والأصبهاني (الأغاني ١٤/ ٢٦٢).
(٣) أخرجه الطبري من طريق عبد الله بن النعمان به، وعبد الله بن النعمان مقبول. (التقريب ص ٣٢٦).
(٤) كذا في (حم) وفي (ح): الغصن المنيف طوالا، وفي الأصل بياض.
(٥) ذكرهم البغوي دون إسناد (معالم التنزيل ٤/ ٢٧٤).
(٦) أخرجه الطبري من طريق عبد السلام بن حرب به. وسنده حسن.
(٧) كذا في (حم) و (ح)، وفي الأصل بياض.
(٨) أخرجه الطبري من قول مجاهد وأبي سنان وفي سنديهما ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف، وأخرجه الطبري عن الضحاك بسند فيه إبهام شيخ الطبري.
(٩) ذكره البغوي (معالم التنزيل ٤/ ٢٧٤).
(١٠) زيادة من (حم) و (ح).
(١١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.