للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مالك بن دينار: بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور (١).

وقال سفيان الثوري أو شريك: بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور جامد (٢).

وقال القاسم بن [مخيمرة] (٣): بطائنها من إستبرق وظواهرها من الرحمة (٤).

وقال ابن شوذب، عن أبي عبد الله الشامي: ذكر الله البطائن ولم يذكر الظواهر، وعلى الظواهر المحابس ولا يعلم ما تحت المحابس إلا الله تعالى، ذكر ذلك كله الإمام ابن أبي حاتم .

﴿وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾ أي: ثمرهما قريب إليهم متى شاءوا تناولوه على أي صفة كانوا، كما قال تعالى: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (٢٣)[الحاقة] وقال: ﴿وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (١٤)[الإنسان] أي: لا تمتنع ممن تناولها بل تنحط إليه من أغصانها ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٥)﴾؟

ولما ذكر الفرش وعظمتها قال بعد ذلك ﴿فِيهِنَّ﴾ أي: في الفرش ﴿قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ أي: غضيضات عن غير أزواجهن فلا يرين شيئًا في الجنة أحسن من أزواجهن، قاله ابن عباس وقتادة وعطاء الخراساني وابن زيد (٥).

وقد ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها: والله ما أرى في الجنة شيئًا أحسن منك. ولا في الجنة شيئًا أحب إلي منك، فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك.

﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ﴾ أي: بل هن أبكار عُرُب أتراب لم يطأهن أحد قبل أزواجهن من الإنس والجن، وهذه أيضًا من الأدلة على دخول مؤمني الجن الجنة.

وقال أرطاة بن المنذر: سُئل ضمرة بن حبيب هل يدخل الجن الجنة؟ قال: نعم وينكحون، للجن جنيات وللإنس إنسيات، وذلك قوله: ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٧)(٦).

ثم قال ينعتهن للخطاب: ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨)﴾.

قال مجاهد والحسن وابن زيد وغيرهم: في صفاء الياقوت وبياض المرجان (٧)، فجعلوا المرجان ههنا اللؤلؤ.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن حاتم، حدثنا عَبيدة بن حميد، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون الأودي، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي قال: "إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقيها من وراء سبعين حلة من حرير [حتى يرى مخَّها] " (٨)، وذلك أن الله تعالى يقول: ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨)﴾ فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه


(١) في آخره غرابة وهو مرسل.
(٢) كسابقه.
(٣) كذا في (حم) و (مح)، وفي الأصل بياض.
(٤) كسابقه وهو مرسل أيضًا.
(٥) أخرجه محمد بن يوسف الفريابي بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد (ينظر تغليق التعليق ٤/ ٣٣٤)، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن ابن زيد.
(٦) أخرجه الطبري من طريق شُريح بن يزيد الحضرمي عن أرطأة بن المنذر به، وسنده ضعيف لإرساله.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي رجاء عن الحسن، وبسند صحيح من طريق معمر عن قتادة وبسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٨) كذا في سنن الترمذي والمسند، وفي الأصل بياض، وفي (حم) و (مح): "ومخها".