للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولما كان في الذي ذكر نعم عظيمة لا يقاومها عمل بل مجرد تفضل وامتنان قال بعد ذلك كله: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦١)﴾؟ ومما يتعلق بقوله تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)[الرحمن] ما رواه الترمذي والبغوي من حديث أبي النضر هاشم بن القاسم، عن أبي عقيل الثقفي، عن أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي، عن بكير بن فيروز، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة" ثم قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي النضر (١).

وروى البغوي من حديث علي بن حجر، عن إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن أبي حرملة مولى حويطب بن عبد العزى، عن عطاء بن يسار، عن أبي الدرداء أنه سمع رسول الله يقصُّ على المنبر وهو يقول: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)﴾ فقلت: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال رسول الله : ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)﴾ فقلت الثانية: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)﴾ فقلت الثالثة: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال: "وإن رغم أنف أبي الدرداء" (٢).

﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٣) مُدْهَامَّتَانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٥) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (٦٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٧) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧١) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (٧٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٧) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٧٨)﴾.

هاتان الجنتان دون اللتين قبلهما في المرتبة والفضيلة والمنزلة بنصِّ القرآن، قال الله تعالى ﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢)﴾ وقد تقدم في الحديث: جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، فالأوليان للمقربين والأخريان لأصحاب اليمين (٣).

وقال أبو موسى: جنتان من ذهب للمقربين وجنتان من فضة لأصحاب اليمين (٤).

وقال ابن عباس: ﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢)﴾ من دونهما في [الدرج] (٥).

وقال ابن زيد: من دونهما في الفضل (٦). والدليل على شرف الأوليين على الأخريين وجوه:


(١) أخرجه الترمذي (السنن، صفة القيامة، باب من خاف أدلج ح ٢٤٥٢) وصححه الألباني بطرقه في السلسلة الصحيحة (ح ٢٣٣٥).
(٢) تقدم تخريجه في الآية ٤٦ من هذه السورة الكريمة.
(٣) تقدم تخريجه في الآية ٤٦ من هذه السورة الكريمة.
(٤) تقدم تخريجه من صحيح البخاري في الآية ٤٦ من هذه السورة الكريمة.
(٥) كذا في (ح) و (حم) وتفسير الطبري وفي الأصل صُحف إلى: "المدرج". وهذا لفظ الطبري ثم ساقه بسنده إلى ابن عباس بمعناه، وقد أخرجه الطبري والحاكم من طريق عمرو بن أبي قيس عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٦) هذا لفظ الطبري، وقد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد بلفظ: "هما أدنى من هاتين لأصحاب اليمين".