للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(أحدها): أنه نعت الأوليين قبل هاتين والتقدم يدل على الاعتناء ثم قال: ﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢)﴾ وهذا ظاهر في شرف التقدم وعلوه على الثاني وقال هناك ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (٤٨)﴾ وهي الأغصان أو الفنون في الملاذ، وقال ههنا ﴿مُدْهَامَّتَانِ (٦٤)﴾ أبو سوداوان من شدة الري من الماء.

قال ابن عباس في قوله: ﴿مُدْهَامَّتَانِ (٦٤)﴾: قد اسودتا من الخضرة من شدة الري من الماء (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن فضيل، حدثنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﴿مُدْهَامَّتَانِ (٦٤)﴾ قال: خضراوان (٢). وروى عن أبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن أبي أوفى وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد في إحدى الروايات وعطاء وعطية العوفي والحسن البصري، ويحيى بن رافع وسفيان الثوري نحو ذلك (٣).

وقال محمد بن كعب: ﴿مُدْهَامَّتَانِ (٦٤)﴾ ممتلئتان من الخضرة.

وقال قتادة: خضراوان من الري ناعمتان (٤)، ولا شك في نضارة الأغصان على الأشجار المشتبكة بعضها في بعض.

وقال هناك: ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (٥٠)﴾ وقال ههنا: ﴿نَضَّاخَتَانِ﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أي فياضتان (٥)، والجري أقوى من النضخ، وقال الضحاك ﴿نَضَّاخَتَانِ﴾ أي: ممتلئتان ولا تنقطعان (٦). وقال هناك: ﴿فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (٥٢)﴾، وقال ههنا: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨)﴾ ولا شك أن الأولى أعمّ وأكثر في الأفراد والتنويع على فاكهة، وهي نكرة في سياق الإثبات لا تعم، ولهذا فسر قوله: ﴿وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ من باب عطف الخاص على العام كما قرره البخاري وغيره (٧)، وإنما أفرد النخل والرمان بالذكر لشرفهما على غيرهما.

قال عبد بن حميد: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا حصين بن عمر، حدثنا مخارق، عن طارق بن شهاب، عن عمر بن الخطاب قال: جاء أناس من [اليهود] (٨) إلى رسول الله فقالوا: يا محمد أفي الجنة فاكهة؟ قال: "نعم فيها فاكهة ونخل ورمان" قالوا: أفيأكلون كما يأكلون في الدنيا؟ قال: "نعم وأضعاف" قالوا: فيقضون الحوائج؟ قال: "لا ولكنهم يعرقون ويرشحون فيذهب الله ما في بطونهم من أذى" (٩).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا سفيان، عن حماد، عن


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري من طريق ابن فضيل به وسنده حسن ويتقوى بسابقه.
(٣) أخرجه الطبري بأسانيد يقوي بعضها بعضًا عن عبد الله بن الزبير، وأخرجه الطبري بسند حسن عن عطية العوفي، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي رجاء عن الحسن بلفظ: "ناعمتان".
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق سعيد بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخه، ويشهد له سابقه.
(٧) ينظر فتح الباري ٨/ ٦٢٣.
(٨) كذا في (حم) و (ح)، وفي الأصل بياض.
(٩) أخرجه عبد بن حميد بسنده ومتنه. (المنتخب رقم ٣٥) وسنده ضعيف جدًا لأن حصين بن عمر وهو الأحمسي: متروك. (التقريب ص ١٧٠).