للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال نعيم بن حماد : حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، عن محمد بن مهاجر، عن عروة بن رويم، عن عبد الرحمن بن غنم، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله : "إن أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت" (١) غريب. وكان الإمام أحمد رحمه الله تعالى ينشد هذين البيتين:

إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل … خلوتُ ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفلُ ساعةً … ولا أن ما تخفي عليه يغيب

وقوله تعالى: ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥)﴾ أي: هو المالك للدنيا والآخرة كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣)[الليل] وهو المحمود على ذلك كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ﴾ [القصص: ٧٠] وقال تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١)[سبأ]، فجميع ما في السماوات والأرض ملك له، وأهلهما عبيد أرقاء أذلاء بين يديه كما قال تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)[مريم] ولهذا قال: ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ أي: إليه المرجع يوم القيامة فيحكم في خلقه بما يشاء وهو العادل الذي لا يجور ولا يظلم مثقال ذرة بل إن يكن عمل أحدهم حسنة واحدة يضاعفها إلى عشرة أمثالها ﴿وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] وكما قال تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)[الأنبياء].

وقوله تعالى: ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾ أي: هو المتصرف في الخلق يقلب الليل والنهار ويقدرهما بحكمته كما يشاء، فتارة يطول الليل ويقصر النهار وتارة بالعكس، وتارة يتركهما معتدلين، وتارة يكون الفصل شتاءً ثم ربيعًا ثم قيظًا ثم خريفًا، وكل ذلك بحكمته وتقديره لما يريده بخلقه ﴿وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ أي: يعلم السرائر وإن دقت وخفيت.

﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٩) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١)﴾.

أمر بالإيمان به وبرسوله على الوجه الأكمل، والدوام والثبات على ذلك والاستمرار، وحثَّ على الإنفاق مما جعلكم مستخلفين فيه؛ أي: مما هو معكم على سبيل


(١) أخرجه الطبراني (المعجم الأوسط ٨/ ٣٣٦ ح ٨٧٩٦)، وأبو نعيم (الحلية ٦/ ١٢٤) كلاهما من طريق نعيم بن حماد به، ونعيم بن حماد صدوق يخطي كثيرًا (التقريب ص ٥٦٤).