للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ﴾ أي: يعلم عدد ما يدخل فيها من حبِّ وقطر ﴿وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا﴾ من نبات وزرع وثمار كما قال تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)[الأنعام].

وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ﴾ أي: من الأمطار، والثلوج والبرد والأقدار، والأحكام مع الملائكة الكرام. وقد تقدم في سورة البقرة أنه ما ينزل من قطرة من السماء إلا ومعها ملك يقررها في المكان الذي يأمر الله به حيث يشاء الله تعالى.

وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾ أي: من الملائكة والأعمال كما جاء في الصحيح: "يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل" (١).

وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ أي: رقيب عليكم شهيد على أعمالكم حيث كنتم وأين كنتم برًا أو بحرًا، في ليل أو نهار في البيوت أو القفار، الجميع في علمه على السواء وتحت بصره وسمعه فيسمع كلامكم ويرى مكانكم، ويعلم سركم ونجواكم كما قال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٥)[هود].

وقال تعالى: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (١٠)[الرعد] فلا إله غيره ولا رب سواه؛ وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله لجبريل: لما سأله عن الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (٢).

وروى الحافظ أبو بكر الإسماعيلي من حديث نصر بن خزيمة بن جنادة بن محفوظ بن علقمة: حدثني أبي، عن نصر بن علقمة، عن أخيه، عن عبد الرحمن بن عائذ قال: قال عمر: جاء رجل إلى النبي فقال: زودني حكمة أعيش بها فقال: "استح الله كما تستحي رجلًا من صالحي عشيرتك لا يفارقك" (٣). هذا حديث غريب.

وروى أبو نعيم من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري مرفوعًا: "ثلاث من فعلهنَّ فَقَدّ طَعِم الإيمان إن عَبَدَ الله وحده، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه في كل عام، ولم يعط الهرمة ولا الدرنة (٤) ولا الشّرط اللئيمة (٥) ولا المريضة، ولكن من أوسط أموالكم وزكى نفسه" وقال رجل: يا رسول الله ما تزكية المرء نفسه؟ فقال: "يعلم أن الله معه حيث كان" (٦).


(١) صحيح مسلم، الإيمان، باب في قوله : "إن الله لا ينام" (ح ١٧٩).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) عزاه الحافظ ابن كثير إلى الإسماعيلي من حديث ابن خزيمة بن جنادة به، وقال: إسناده غريب. (مسند الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ٢/ ٦٠٩). وخرّجه الألباني من مصادر أخرى وحكم بجودة السند. (السلسلة الصحيحة ٢/ ٣٧٦ ح ٧).
(٤) أي: الجرباء.
(٥) أي: رذال المال.
(٦) أخرجه أبو داود (السنن، الزكاة، باب في زكاة السائمة ح ١٥٨٢) والبيهقي من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري (السنن الكبرى ٤/ ٩٦) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ١٤٠٠).