للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ [قال بعض (المفسرين) (١): أول فريق كافر به، أو نحو ذلك] (٢).

قال ابن عباس (٣): ولا تكونوا أول كافر به، وعندكم فيه من العلم ما ليس عند غيركم.

وقال أبو العالية (٤): يقول: ولا تكونوا أول من كفر بمحمد ؛ [يعني: من جنسكم أهل الكتاب بعد (سماعكم) (٥) بمبعثه] (١)، وكذا قال الحسن، والسدي، والربيع بن أنس.

واختار ابن جرير (٦) أن الضمير في قوله: "به" عائد على القرآن الذي تقدم ذكره في قوله: ﴿بِمَا أَنْزَلْتُ﴾ وكلا القولين صحيح؛ لأنهما متلازمان؛ لأن من كفر بالقرآن فقد كفر بمحمد ؛ ومن كفر بمحمد فقد كفر بالقرآن.

وأما قوله: ﴿أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ فيعني به أول من كفر به من بني إسرائيل؛ لأنه قد تقدمهم من كفار قريش وغيرهم من العرب بشر كثير؛ وإنما المراد أول من كفر به من بني إسرائيل مباشرةً؛ فإن يهود المدينة أول بني إسرائيل خوطبوا بالقرآن، فكفرهم به يستلزم أنهم أول من (كفر به) (٧) من جنسهم.

وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ يقول: لا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي، وتصديق رسول - بالدنيا وشهواتها؛ فإنها قليلة فانية؛ كما قال عبد الله بن المبارك (٨): أنبأنا عبد الرحمن بن (يزيد) (٩) بن جابر، عن هارون بن يزيد؛ قال: سئل الحسن - يعني: البصري - عن قوله تعالى: ﴿ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ - قال: الثمن القليل الدنيا بحذافيرها (١٠).

وقال ابن لهيعة (١١): حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَشْتَرُوا


(١) كذا في (ك) و (ل) و (ى). ووقع في (ج) و (ن): "المعريين".
(٢) ساقط من (ز) و (ض) و (هـ).
(٣) أخرجه ابن جرير (٨١٩)؛ وابن أبي حاتم (٤٥٠) وتقدم القول بضعفه.
(٤) أخرجه ابن جرير (٨١٨)؛ وابن أبي حاتم (٤٥١). [وسنده جيد].
(٥) كذا في (ن)؛ وفي (ج) و (ل) و (ن) و (ى): "سماعهم".
(٦) في "تفسيره" (١/ ٥٦٤ - شا كر).
(٧) في (ج): "كفره".
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤٥٦)؛ وابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" (٤٩٧) من طريق علي بن الحسن بن شقيق، أنا ابن المبارك بسنده سواء. وسنده ضعيف، وهارون بن يزيد البصري ترجمه البخاري في "الكبير" (٤/ ٢/ ٢٢٠)؛ وابن حبان في "الثقات" (٧/ ٥٧٩) وقال: "يروى عن رجل عن أبي هريرة" ورجح الشيخ العلامة عبد الرحمن المعلمي في حاشيته على "تاريخ البخاري" أنه هارون بن راشد، وأنه غلط بعض الرواة في اسمه فقلبوه إلى "هارون بن يزيد"، وفي النفس غصة من هذا الترجيح، ورسمه رسم المجهول. والله أعلم.
(٩) في (ز) و (ن): "زيد" وهو خطأ.
(١٠) [أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن المبارك به وهو تفسير حسن].
(١١) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٥٤) قال: ذكر عن الحسن بن علي الحلواني، عن سعيد بن أبي مريم، أخبرني ابن لهيعة حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير. وسنده ضعيف، فقد علقه ابن أبي حاتم كما ترى، وحال ابن لهيعة معروفة، وعطاء بن دينار قال أبو حاتم: "صالح الحديث، إلا أن التفسير أخذه من الديوان، فإن عبد الملك بن مروان كتب يسأل سعيد بن جبير أن يكتب إليه بتفسير القرآن، فكتب سعيد بن جبير بهذا =