للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بأبي طلحة (١).

وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ أي: من سلم من الشح فقد أفلح وأنجح. قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا داود بن قيس الفراء، عن عبيد الله بن مقسم، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله قال: "إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشحَّ فإن الشحَّ أهلك مَن كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلُّوا محارمهم" (٢). انفرد بإخراجه مسلم فرواه عن القعنبي، عن داود بن قيس به (٣).

وقال الأعمش وشعبة: عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث، عن زهير بن الأقمر، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله : "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، وإياكم والشحّ فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالظلم فظلموا، وأمرهم بالفجور ففجروا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا" ورواه أحمد وأبو داود من طريق شعبة والنسائي من طريق الأعمش، كلاهما عن عمرو بن مرة به (٤).

وقال الليث: عن يزيد بن الهاد، عن سهيل بن أبي صالح، عن صفوان بن أبي يزيد، عن القعقاع بن اللجلاج، عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول: "لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدًا، ولا يجتمع الشحَّ والإيمان في قلب عبد أبدًا" (٥).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبدة بن سليمان، أخبرنا ابن المبارك، حدثنا المسعودي، عن جامع بن شداد، عن الأسود بن هلال قال: جاء رجل إلى عبد الله فقال: يا أبا عبد الرحمن إني أخاف أن أكون قد هلكت، فقال له عبد الله: وما ذاك؟ قال: سمعت الله يقول: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ وأنا رجل شحيح لا أكاد أن أخرج من يدي شيئًا، فقال عبد الله: ليس ذلك بالشحِّ الذي ذكره الله في القرآن، إنما الشحُّ الذي ذكر الله في القرآن أن تأكل مال أخيك ظلمًا، ولكن ذاك البخل وبئس الشيء البخل (٦).

وقال سفيان الثوري: عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير، عن أبي الهيّاج الأسدي قال: كنت أطوف بالبيت فرأيت رجلًا يقول: اللَّهم قني شُحَّ نفسي لا يزيد على ذلك، فقلت له، فقال: إني إذا وقيت شحّ نفسي لم أسرق ولم أزن ولم أفعل، وإذا الرجل عبد الرحمن بن


(١) صحيح مسلم، الباب السابق (ح ٢٠٥٤/ ١٧٣).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٣٢٣) وسنده صحيح.
(٣) صحيح مسلم، البر والصلة، باب تحريم الظلم (ح ٢٥٧٨).
(٤) أخرجه الإمام أحمد عن ابن أبي عدي عن شعبة به كاملًا. (المسند ١١/ ٢٦ ح ٦٤٨٧) وصحح سنده محققوه، وأخرجه أبو داود السنن، الزكاة، باب في الشح (ح ١٦٩٨)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ١٤٨٩) وأخرجه النسائي في السنن الكبرى، التفسير، باب ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾ [الحشر: ٩] (ح ١١٥٨٣).
(٥) أخرجه النسائي من طريق الليث به (السنن، الجهاد، باب فضل من عمل في سبيل الله على قدمه ٧/ ١٣) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (ح ٢٩١٠)، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٧٢).
(٦) سنده حسن، وأخرجه الطبري من طريق المسعودي به.