للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمد بن (١) إسحاق، عن محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ أي: تتركون أنفسكم.

﴿وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ أي: تنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهد من التوراة، وتتركون أنفسكم؛ أي: وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي، وتنقضون ميثاقي، (وتجحدون) (٢) ما تعلمون من كتابي.

وقال الضحاك (٣)، عن ابن عباس في هذه الآية: يقول: أتأمرون الناس بالدخول في دين محمد ؛ وغير ذلك مما أمرتم به، من إقام الصلاة؛ وتنسون أنفسكم.

وقال أبو جعفر (٤) بن جرير () (٥): حدثني علي بن الحسن، حدثنا (مسلم) (٦) الجرمي، حدثنا مخلد بن الحسين، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة - في قول الله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾ قال (أبو الدرداء) (٧) () (٨): لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتًا.

وقال عبد الرحمن (٩) بن زيد بن أسلم في هذه الآية: هؤلاء اليهود إذا جاء الرجل يسألهم عن الشيء ليس فيه حق ولا رشوة (ولا شيء) (١٠) أمروه بالحق، (فقال الله تعالى) (١١): ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٤٤)﴾.

والغرض أن الله تعالى ذمهم على هذا الصنيع، ونبههم على خطئهم في حق أنفسهم حيث كانوا يأمرون بالخير ولا يفعلونه. وليس المراد ذمهم على أمرهم بالبر مع تركهم له؛ (بل على تركهم (١٢) له)؛ فإن الأمر بالمعروف (معروف) (١٣)؛ وهو واجب على العالم، ولكن (الواجب (١٤) و) الأولى بالعالم أن يفعله مع من أمرهم به، ولا يتخلف عنهم؛ كما قال شعيب : ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ


(١) أخرجه ابن جرير (٨٤٠) بطوله؛ وابن أبي حاتم (٤٧٧) حتى قوله: "العهد من التوراة". [وسنده حسن].
(٢) في (ض): "وتحجون"!
(٣) أخرجه ابن جرير (٨٤١) وسنده ضعيف.
(٤) في "تفسيره" (٨٤٦) ورجاله ثقات لكن رجح الشيخ أبو الأشبال في تعليقه على "تفسير الطبري" (٢/
٩) أن أبا قلابة لم يسمع من أبي الدرداء قال: "فإن أبا الدرداء مات سنة (٣٢) وأبو قلابة متأخر الوفاة مات سنة (١٠٤) وقيل: (١٠٧) ". اهـ. وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص ٢١٠)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ٦٤) لعبد الرزاق وابن أبي شيبة. وروى ابن المبارك في "الزهد" (٢٩٥) ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (٥/ ٢١٢) قال: أخبرنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان قال: "لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس في جنب الله أمثال الأباعر ثم يعود إلى نفسه فتكون هي أحقر حاقر". وسنده صحيح.
(٥) من (ل).
(٦) في (ن): "سالم"! وهو خطأ.
(٧) في (ك): "أبو الخالد رداء"!!
(٨) من (ن).
(٩) أخرجه ابن جرير (٨٤٥) قال: حدثني يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فذكره. وسنده صحيح.
(١٠) ساقط من (ن).
(١١) في (ك): "فقال تعالى".
(١٢) ساقط من (ج).
(١٣) ساقط من (ز).
(١٤) من (ج) و (ك) و (ل) و (ن).