للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح أنه سمع جنادة بن أبي أُمية يقول: سمعت عبادة بن الصامت يقول: إن رجلًا أتى رسول الله فقال: يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله وتصديق به وجهاد في سبيل الله". قال: أريد أهون من هذا يا رسول الله. قال: "لا تتهم الله في شيء قضى لك به" (١). لم يخرجوه.

وقوله: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ أمر بطاعة الله ورسوله فيما شرع وفعل ما به أمر وترك ما عنه نهى وزجر، ثم قال: ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ أي: إن نكلتم عن العمل فإنما عليه ما حمل من البلاغ وعليكم ما حملتم من السمع والطاعة.

قال الزهري: من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم (٢).

ثم قال تعالى مخبرًا أنه الأحد الصمد الذي لا إله غيره فقال: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٣)

فالأول خبر عن التوحيد، ومعناه معنى الطلب؛ أي: وحدوا الإلهية له وأخلصوها لديه وتوكلوا

عليه كما قال تعالى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (٩)[المزمل: ٩].

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن الأزواج والأولاد أن منهم من هو عدو الزوج والولد بمعنى أنه يلتهي به عن العمل الصالح كقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩)[المنافقون] ولهذا قال ههنا: ﴿فَاحْذَرُوهُمْ﴾.

قال ابن زيد: يعني على دينكم (٣).

وقال مجاهد: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ﴾ قال: يحمل الرجل على قطيعة الرحم أو معصية ربه فلا يستطيع الرجل مع حبه إلا أن يطيعه (٤).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا الفريابي، حدثنا إسرائيل، حدثنا سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس وسأله رجل عن هذه الآية ﴿يَاأَيُّهَا


(١) أخرجه الإمام بسنده ومتنه (المسند ٣٧/ ٣٩٠ ح ٢٢٧١٧) قال محققوه: حديث محتمل للتحسين، وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة.
(٢) أخرجه البخاري معلقًا بصيغة الجزم، وقال الحافظ ابن حجر: هذا وقع في قصة أخرجها الحميدي في "النوادر"، ومن طريقه الخطيب، قال الحميدي: حدثنا سفيان قال: قال رجل للزهري: يا أبا بكر قول النبي : "ليس منا من شقَّ الجيوب" ما معناه؟ فقال الزهري: من الله العلم، وعلى رسوله البلاغ، وعلينا التسليم. (فتح الباري ١٣/ ٥٠٤).
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٤) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد وفي آخره بلفظ: "إلا أن يقطعه".