للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ قال: فهؤلاء رجال أسلموا من مكة، فأرادوا أن يأتوا رسول الله ، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم، فلما أتوا رسول الله رأوا الناس قد فقهوا في الدين فهموا أن يعاقبوهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (١) وكذا رواه الترمذي، عن محمد بن يحيى، عن الفريابي وهو محمد بن يوسف به. وقال حسن صحيح ورواه ابن جرير والطبراني من حديث إسرائيل به (٢)، وروي من طريق العوفي، عن ابن عباس نحوه (٣) وهكذا قال عكرمة مولاه سواء.

وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥)﴾ يقول تعالى: إنما الأموال والأولاد فتنة؛ أي: اختبار وابتلاء من الله تعالى لخلقه ليعلم من يطيعه ممن يعصيه. وقوله: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ﴾ أي: يوم القيامة أجر عظيم كما قال: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤)[آل عمران] والتي بعدها.

قال الإمام أحمد: حدثنا زيد بن الحباب، حدثني حسين بن واقد، حدثني عبد الله بن بُريدة، سمعت أبا بُريدة يقول: كان رسول الله يخطب فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: "صدق الله ورسوله، ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما" (٤) ورواه أهل السنن من حديث حسين بن واقد به، وقال الترمذي: حسن غريب إنما نعرفه من حديثه (٥).

وقال الإمام أحمد: حدثنا شُريح بن النعمان، حدثنا هشيم، أخبرنا مجالد، عن الشعبي، حدثنا الأشعث بن قيس قال: قدمت على رسول الله في وفد كِندة فقال لي: "هل لك ولد؟ " قلت: غلام ولد لي في مخرجي إليك من ابنة جَمْد، ولوددت أن بمكانه سبع القوم. فقال: "لا تقولن ذلك، فإن فيهم قرة عين وأجرًا إذا قبضوا"، ثم قال: "ولئن قلت ذاك إنهم لمجبنة محزنة (٦)، إنهم لمجبنة محزنة" (٧). تفرد به أحمد.


(١) سنده حسن.
(٢) سنن الترمذي، التفسير، باب ومن سورة التغابن (ح ٣٣١٤) والمعجم الكبير للطبراني ١١/ ٢٧٥ (ح ١١٧٢٠). وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (ح ٢٦٤٢).
(٣) سنده ضعيف ويتقوى بسابقه فقد تبع العوفي في الرواية السابقة.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٧/ ٩٩، ١٠٠ ح ٢٢٩٩٥) وقال محققوه: إسناده قوي.
(٥) سنن أبي داود، الصلاة، باب الإمام يقطع الخطبة (ح ١١٠٩) وسنن الترمذي، المناقب، باب مناقب الحسن والحسين (ح ٣٧٧٦) وسنن النسائي، الجمعة، باب نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة ٣/ ١٩٢ وسنن ابن ماجه، اللباس، باب لبس الأحمر للرجال (ح ٣٦٠٠). وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٢٩٠٠).
(٦) قال البغوي: أراد أن الرجل إذا كثر ولده بخل بماله إبقاءً عليهم، وجبت عن الحروب استبقاءً لنفسه. (شرح السنة ١٣/ ٢٦).
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٦/ ١٦١ ح ٢١٨٤٠) وقال محققوه: حديث صحيح، وهذا إسناد =