للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبد الله يخبره أن سُبيعة أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة وكان ممن شهد بدرًا، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال لها: ما لي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح! إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر. قالت سُبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت عليّ ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي (١). هذا لفظ مسلم ورواه البخاري مختصرًا ثم قال البخاري بعد روايته الحديث الأول عند هذه الآية: وقال سليمان بن حرب وأبو النعمان، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد هو ابن سيرين قال: كنت في حلقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى وكان أصحابه يعظمونه فذكر آخر الأجلين فحدثت بحديث سُبيعة بنت الحارث، عن عبد الله بن عتبة قال فضمز (٢) لي بعض أصحابه، قال محمد: ففطنت له فقلت: إني لجريء أن أكذب على عبد الله وهو في ناحية الكوفة. قال: فاستحيا وقال: لكن عمه لم يقل ذلك، فلقيت أبا عطية مالك بن عامر فسألته فذهب يحدثني بحديث سُبيعة فقلت: هل سمعت عن عبد الله فيها شيئًا؟ فقال: كنا عند عبد الله فقال: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة؟ فنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ (٣) ورواه ابن جرير من طريق سفيان بن عيينة وإسماعيل ابن علية، عن أيوب به مختصرًا ورواه النسائي في التفسير عن محمد بن عبد الأعلى، عن خالد بن الحارث، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين … فذكره (٤).

وقال ابن جرير: حدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا محمد بن جعفر، حدثني ابن شبرمة الكوفي، عن إبراهيم، عن علقمة ببنى قيس أن عبد الله بن مسعود قال: من شاء لاعنته ما نزلت ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ إلا بعد آية المتوفى عنها زوجها قال: وإذا وضعت المتوفى عنها زوجها فقد حلَّت. يريد بآية المتوفى عنها زوجها ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] وقد رواه النسائي من حديث سعيد بن أبي مريم (٥) به.

ثم قال ابن جرير: حدثنا أحمد بن مَنيع، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا إسماعيل بن خالد، عن الشعبي قال: ذكر عند ابن مسعود آخر الأجلين، فقال: من شاء قاسمته بالله أن هذه الآية التي في النساء القصرى نزلت بعد الأربعة الأشهر والعشر، ثم قال: أجل الحامل أن تضع ما في بطنها (٦).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن


(١) أخرجه مسلم بسنده ومتنه (الصحيح، الطلاق، باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها ح ١٤٨٤).
(٢) أي: أشار إليه أن أسكت. (فتح الباري ٨/ ٦٥٥).
(٣) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤] ح ٤٩١٠).
(٤) تفسير الطبري والسنن الكبرى للنسائي، التفسير، باب ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] (ح ١١٠٤٣).
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه النسائي من طريق سعيد بن أبي مريم به (السنن الكبرى ح ٥٧١٦) وسنده صحيح.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، ويشهد له سابقه ولاحقه.