للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصحيح: "الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها" (١).

وهل من شرط التوبة النصوح الاستمرار على ذلك إلى الممات كما تقدم في الحديث وفي الأثر: "ثم لا يعود فيه أبدًا" أو يكفي العزم على أن لا يعود في تكفير الماضي بحيث لو وقع منه ذلك الذنب بعد ذلك لا يكون ذلك ضارًا في تكفير ما تقدم لعموم قوله : "التوبة تجب ما قبلها؟ " وللأول أن يحتج بما ثبت في الصحيح أيضًا: "من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر" (٢) فإذا كان هذا في الإسلام الذي هو أقوى من التوبة فالتوبة بطريق الأولى والله أعلم.

وقوله: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ وعسى من الله موجبة ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ أي: ولا يخزيهم معه يعني يوم القيامة ﴿نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ كما تقدم في سورة الحديد: ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ قال مجاهد والضحاك والحسن البصري وغيرهم: [هذا يقوله] (٣) المؤمنون حين يرون يوم القيامة نور المنافقين قد طفئ (٤).

وقال محمد بن نصر المروزي: حدثنا محمد بن مقاتل المروزي، حدثنا ابن المبارك، أخبرنا ابن لهيعة، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير أنه سمع أبا ذرٍّ وأبا الدرداء قالا: قال رسول الله : "أنا أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة، وأول من يؤذن له برفع رأسه، فأنظر بين يدي، فأعرف أمتي من بين الأمم، وأنظر عن يميني فأعرف أمتي من بين الأمم، وأنظر عن شمالي فأعرف أمتي من بين الأمم. فقال رجل يا رسول الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم؟ قال: "غرٌّ محجلون من آثار الطهور، ولا يكون أحد من الأمم كذلك غيرهم، وأعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السجود وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم" (٥).

وقال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، حدثنا ابن المبارك، عن يحيى بن حسان، عن رجل من بني كنانة قال: صليت خلف رسول الله عام الفتح فسمعته يقول: "اللَّهم لا تخزني يوم القيامة" (٦).


(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأنفال آية ٣٨.
(٢) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأنفال آية ٣٨.
(٣) زيادة من (ح) و (حم).
(٤) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الحاكم والطبري من طريق مجاهد عن يزيد بن شجرة الرهاوي، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. (المستدرك ٣/ ٤٩٤).
(٥) أخرجه المروزي بسنده ومتنه (تعظيم قدر الصلاة رقم ٢٦١) وسنده حسن لأن الراوي عن ابن لهيعة هو أحد العبادلة الذين رووا عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه. وأخرجه الإمام أحمد من طريق ابن لهيعة به دون ذكر أبي ذرٍّ. (المسند ٣٦/ ٦٥ ح ٢١٧٣٧) قال محققوه: حسن لغيره دون قوله: "وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم. . .". اهـ.
وأخرجه الحاكم من طريق الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب به وصححه ووافقه الذهبي. (المستدرك ٢/ ٤٧٨).
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٩/ ٥٩٦ ح ١٨٠٥٦) وصحح سنده محققوه.