للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إبراهيم بن يونس، عن أبيه، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يقول: كان رسول الله أحسن الناس وجهًا، وأحسن الناس خلقًا، ليس بالطويل ولا بالقصير (١).

والأحاديث في هذا كثيرة ولأبي عيسى الترمذي في هذا كتاب "الشمائل" وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله بيده خادمًا له قط، ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئًا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ولا خُيِّر بين شيئين قط إلا كان أحبهما إليه أيسرهما حتى يكون إثمًا، فإذا كان إثمًا كان أبعد الناس من الإثم، ولا انتقم لنفسه من شيء يؤتى إليه إلا إذا انتهكت حرمات الله فيكون هو ينتقم لله ﷿ (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق" (٣). تفرد به.

وقوله تعالى: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦)﴾ أي: فستعلم يا محمد وسيعلم مخالفوك ومكذبوك من المفتون الضال منك ومنهم وهذه كقوله تعالى: ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦)[القمر] وكقوله: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: ٢٤] قال ابن جريج: قال ابن عباس في هذه الآية: ستعلم ويعلمون يوم القيامة (٤).

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦)﴾ أي: الجنون (٥). وكذا قال مجاهد وغيره (٦).

وقال قتادة وغيره: ﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦)﴾ أي: أولى بالشيطان (٧).

ومعنى المفتون ظاهر؛ أي: الذين قد أفتتن عن الحق وضلَّ عنه، وإنما دخلت الباء في قوله: ﴿بِأَيِّكُمُ﴾ لتدل على تضمين الفعل في قوله: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥)﴾ وتقديره: فستعلم ويعلمون أو فستخبر ويخبرون بأيكم المفتون، والله أعلم.

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧)﴾ أي: هو يعلم تعالى أي الفريقين منكم ومنهم هو المهتدي ويعلم الحزب الضال عن الحق.


(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه. (الصحيح، المناقب، باب صفة النبي ح ٣٥٤٩).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤٣/ ١٠٩ ح ٢٥٩٥٦) وصحح سنده محققوه.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٤/ ٥١٢ ح ٨٩٥٢) وصححه محققوه وقالوا: وهذا إسناد قوي.
(٤) سنده منقطع لأن ابن جريج لم يسمع من ابن عباس.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ليث عن مجاهد؛ وأخرجه الطبري أيضًا بسند ضعيف من طريق خُصيف عن مجاهد، وفي السندين ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف.
(٧) أخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: "الشيطان".