﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [الحج: ٤٧] يعني: بذلك حين ينزل الأمر من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد، فذلك مقداره ألف سنة؛ لأن ما بين السماء والأرض مقدار مسيرة خمسمائة عام (١).
وقد رواه ابن جرير، عن ابن حميد، عن حكام بن سالم، عن عمر بن معروف، عن ليث، عن مجاهد قوله، لم يذكر ابن عباس (٢).
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطنافسي، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا نوح المؤدب، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس قال: غلظ كل أرض خمسمائة عام، وبين كل أرض إلى أرض خمسمائة عام، فذلك سبعة آلاف عام، وغلظ كل سماء خمسمائة عام وبين السماء إلى السماء خمسمائة عام، فذلك أربعة ألف عام، وبين السماء السابعة وبين العرش مسيرة ستة وثلاثين ألف عام، فذلك قوله تعالى: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ (٣).
القول الثاني: أن المراد بذلك مدة بقاء الدنيا منذ خلق الله هذا العالم إلى قيام الساعة، قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، أخبرنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا ابن أبي زائدة، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله تعالى: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ قال: الدنيا عمرها خمسون ألف سنة، وذلك عمرها يوم سماها الله ﷿: يومًا ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ﴾ قال: اليوم الدنيا (٤).
وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، وعن الحكم بن أبان، عن عكرمة: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ قال: الدنيا من أولها إلى آخرها مقدار خمسين ألف سنة لا يدري أحد كم مضى؟ ولا كم بقي؟ إلا الله ﷿ (٥).
القول الثالث: أنه اليوم الفاصل بين الدنيا والآخرة وهو قول غريب جدًا. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، حدثنا بهلول بن المورق، حدثنا موسى بن عبيدة، أخبرني محمد بن كعب: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ قال: هو يوم الفصل بين الدنيا والآخرة (٦).
القول الرابع: أن المراد بذلك يوم القيامة. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ قال: يوم القيامة (٧). وإسناده صحيح، ورواه الثوري عن
(١) في سنده ليث وهو ابن أبي سُليم فيه مقال، وقد وصله هنا إلى ابن عباس، وفي رواية الطبري التالية بدون ذكر ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه. وسنده كسابقه.
(٣) سنده ضعيف لضعف عبد الوهاب بن مجاهد وهو ابن جبير.
(٤) سنده ضعيف لانقطاعه فإن ابن جريج لم يسمع من مجاهد.
(٥) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وبسند حسن من طريق معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة.
(٦) سنده ضعيف لضعف موسى بن عبيدة وهو الربذي.
(٧) صحح سنده الحافظ ابن كثير.