للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عضباء (١) إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله" فقال العامري: وما حق الإبل يا أبا هريرة؟ قال: أن تعطي الكريمة، وتمنح الغزيرة (٢) وتفقر الظهر (٣)، وتسقي الإبل وتطرق الفحل (٤). وقد رواه أبو داود من حديث شعبة، والنسائي من حديث سعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به (٥).

طريق أخرى لهذا الحديث: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه إلا جعل صفائح يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جبهته وجنبه وظهره، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار". وذكر بقية الحديث في الغنم والإبل كما تقدم، وفيه: "الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر" إلى آخره (٦)، ورواه مسلم في صحيحه بتمامه منفردًا به دون البخاري من حديث سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة (٧). وموضع استقصاء طرقه وألفاظه في كتاب الزكاة من كتاب الأحكام، والغرض من إيراده ههنا قوله: "حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة".

وقد روى ابن جرير، عن يعقوب، عن ابن علية وعبد الوهاب، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة قال: سأل رجل ابن عباس، عن قوله: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ فقال: ما يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؟ قال: فاتهمه، فقال: إنما سألتك لتحدثني، قال: هما يومان ذكرهما الله، والله أعلم بهما، وأكره أن أقول في كتاب الله بما لا أعلم (٨).

وقوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (٥)﴾ أي: اصبر يا محمد على تكذيب قومك لك واستعجالهم العذاب استبعادًا لوقوعه كقوله: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ﴾ [الشورى: ١٨] ولهذا قال ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (٦)﴾ أي: وقوع العذاب. وقيام الساعة يراه الكفرة بعيد الوقوع بمعنى مستحيل الوقوع

﴿وَنَرَاهُ قَرِيبًا (٧)﴾ أي: المؤمنون يعتقدون كونه قريبًا، وإن كان له أمد لا يعلمه إلا الله ﷿، لكن كل ما هو آت فهو قريب وواقع لا محالة.


(١) أي: المكسورة القرن.
(٢) أي: الكثيرة اللّبن.
(٣) أي: تعيره للحمل والركوب.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٦/ ٢٣٠، ٢٣١ ح ١٠٣٥)، وقال محققوه: صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عمر الغداني. اهـ. ولو قالوا: حسن لغيره لكان أحسن.
(٥) سنن أبي داود، الزكاة، باب في حقوق المال (ح ١٤٦٢)؛ وسنن النسائي، الزكاة، باب التغليظ في حبس الزكاة ٥/ ١٢؛ وحسنه الألباني بما بعده. صحيح سنن أبي داود (ح ١٤٦٢).
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه وأطول (المسند ١٣/ ٧ - ٩ ح ٧٥٦٣) وصحح سنده محققوه.
(٧) صحيح مسلم، الزكاة، باب إثم مانع الزكاة (ح ٩٨٧).
(٨) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.