للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن جرير (١): وقد حدثنا محمد بن (العلاء) (٢)، ويعقوب بن إبراهيم؛ قالا: حدثنا ابن علية، حدثنا (عيينة) (٣) بن عبد الرحمن، عن أبيه - أن ابن عباس (نُعي) (٤) إليه أخوه قُثم، وهو في سفر؛ فاسترجع، ثم تنحى عن الطريق، فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته؛ وهو يقول: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥)﴾.

وقال سُنيد (٥)، عن حجاج، عن ابن جريج: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ قال: إنهما معونتان على رحمة الله.

والضمير في قوله: ["و ﴿وَإِنَّهَا﴾ "] (٦) عائد إلى الصلاة؛ نص عليه مجاهد (٧). واختاره ابن جرير (٨). ويحتمل أن يكون عائدًا على ما (دل) (٩) عليه الكلام، وهو الوصية بذلك؛ كقوله تعالى في قصة قارون: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (٨٠)[القصص] وقال تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)[فصلت] أي: وما يلقى هذه الوصية إلا الذين صبروا، وما يلقاها؛ أي: يؤتاها ويلهمها إلا ذو حظٍّ عظيم.

وعلى كل تقدير فقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ﴾ أي: مشقة ثقيلة إلا على الخاشعين.

قال ابن أبي (١٠) طلحة، عن ابن عباس؛ يعني: المصدقين بما أنزل الله.

وقال مجاهد (١١): المؤمنين حقًّا. وقال أبو العالية (١٢): ﴿إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ الخائفين.

وقال مقاتل (١٣) بن حيان: إلا على الخاشعين؛ يعني به: المتواضعين.

وقال الضحاك (١٤): ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ﴾ قال: إنها لثقيلة إلا على الخاضعين لطاعته، الخائفين


(١) في "تفسيره" (٨٥٢) وإسناده صحيح.
(٢) وقع في (ن): "الفضل"! وهو خطأ ظاهر.
(٣) وقع في (ض): "ابن عيينة"!!
(٤) في (ك): "نقى"، بقاف!!
(٥) أخرجه ابن جرير (٨٥٤) وسنده صحيح.
(٦) في (ن) و (هـ): "وإنها لكبيرة".
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم رقم (٤٩٠) وسنده قوي.
(٨) في "تفسيره" (٢/ ١٥) وقال: "إنها، وإن الصلاة، فالهاء والألف في "وإنها" عائدتان إلى الصلاة. وقد قال بعضهم: إن قوله: "وإنها" بمعنى: إن إجابة محمد ! ولم يجر لذلك بلفظ الإجابة ذكر، فتجعل "الهاء والألف" كناية عنه، وغير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته". اهـ.
(٩) في (ز) و (ن): "يدل".
(١٠) أخرجه ابن جرير (٨٥٦)؛ وابن أبي حاتم (٤٩٣) [وسنده ثابت].
(١١) أخرجه ابن جرير (٨٥٩)؛ وابن أبي حاتم (٤٩٤) من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد. [وسنده صحيح].
وأخرجه ابن جرير (٨٥٨) من طريق الثوري، عن جابر، عن مجاهد مثله. وجابر هو ابن يزيد الجعفي وهو متروك.
(١٢) أخرجه ابن جرير (٨٥٧)؛ وابن أبي حاتم (٤٩٥) بسند حسن.
(١٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٩٦)؛ والبيهقي في "الشعب" (٩٦٨٥) من طريق بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان. ولفظ البيهقي مطول. وسنده حسن، وبكير بن معروف مختلف فيه، ولكنه مشهور برواية التفسير عن مقاتل، فهذا يقوى أمره أن يروى نسخة يتعاهدها. والله أعلم.
(١٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٩١) معلقًا ووصله ابن جرير (٨٥٦) من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا جويبر، عن =