للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(سطواته) (١)، المصدقين بوعده ووعيده.

وهذا يشبه ما جاء في الحديث (٢): "لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه".

وقال ابن جرير (٣): معنى الآية: واستعينوا أيها الأحبار من أهل الكتاب بحبس أنفسكم على طاعة الله، وبإقامة الصلاة المانعة من الفحشاء والمنكر، المقربة من (رضا) (٤) الله (تعالى) (٥)، (العظيمة) (٦) إقامتها إلا على (المتواضعين) (٧) (المستكينين) (٨) لطاعته المتذللين من مخافته.

هكذا قال! والظاهر أن الآية وإن كانت خطابًا في سياق إنذار بني إسرائيل فإنهم لم يقصدوا بها على سبيل التخصيص؛ وإنما هي عامة لهم ولغيرهم. والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٦)﴾ هذا من تمام الكلام الذي قبله؛ أي: إن الصلاة أو الوصاة لثقيلة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم؛ أي: (يعلمون أنهم) (٩) (محشورون) (١٠) إليه يوم القيامة، معروضون عليه.

﴿وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ أي: أمورهم راجعة إلى مشيئته، يحكم فيها ما يشاء بعدله؛ فلهذا لما أيقنوا بالمعاد والجزاء سهل عليهم فعل الطاعات، وترك المنكرات.

فأما قوله: ﴿يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ قال ابن جرير (١١) : العرب قد تسمى اليقين ظنًّا، والشك ظنًّا، نظير تسميتهم الظلمة سُدفةً، (والضياء سدفةً) (١٢)، والمغيث صارخًا، والمستغيث


= الضحاك. وسنده ضعيف جدًّا، وجويبر تالف. ووقع في "تفسير ابن جرير": "ابن يزيد" والصواب "يزيد". هذا، وقد خلط ابن كثير بين عبارة الضحاك وكلام ابن جرير فوصل القولين، والصواب أن العبارة التي نسبت إلى الضحاك: "إنها لثقيلة" ثم قال ابن جرير: "ويعني بقوله: "إلا على الخاشعين، إلا على الخاضعين لطاعته، الخائفين سطواته، المصدقين بوعده ووعيده".
(١) في (ن): "سطوته". و في (ض): "لسطواته".
(٢) وهو قطعة من حديث: أخرجه النسائي في "التفسير" (٤١٤)؛ والترمذي (٢٦١٦)؛ وابن ماجه (٣٩٧٣)؛ وأحمد (٥/ ٢٣١)؛ وعبد الرزاق في "المصنف" (١١/ (١٩٤)؛ وعبد بن حميد في "المنتخب" (١١٢)؛ وابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (١٩٦) وغيرهم من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن معاذ بن جبل قال: كنت مع النبي في سفر، فأصبحت يومًا قريبًا منه، ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله! أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار. قال: "لقد سألتني عن عظيم … " الحديث. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح" كذا قال! وقد نفى المنذري في "الترغيب" (٣/ ٥٢٩)؛ وابن رجب في "جامع العلوم" (٢/ ١٢٧، ١٢٨) سماع أبي وائل من معاذ. ولكن للحديث طرق أخرى يرتقى بها الحديث إلى درجة الحسن.
والحمد لله على توفيقه.
(٣) في "تفسيره" (٢/ ١٧).
(٤) في "ابن جرير": "مراضى".
(٥) من (ع) و (هـ) و (ى).
(٦) وقع في (ج) و (ك): "العظيم".
(٧) في (ن): "الخاشعين؛ أي: المتواضعين".
(٨) في (ل): "المسلك"! وكتب فوقها بخط دقيق جدًّا كلمة ذهبت في التصوير، لعلها كانت تصحيحًا لهذه الكلمة.
(٩) ساقط من (ز) و (ض).
(١٠) في (ض): "يحشرون".
(١١) في "تفسيره" (٢/ ١٧ - شاكر).
(١٢) ساقط من (ج).