للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصلاة ونحن ناؤون عنك؟ فنزلت ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨)(١).

وقال سفيان: عن خُصيف، عن عكرمة: نزلت في المساجد كلها (٢).

وقال سعيد بن جبير: نزلت في أعضاء السجود (٣)؛ أي: هي لله فلا تسجدوا بها لغيره.

وذكروا عند هذا القول الحديث الصحيح من رواية عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -أشار بيده إلى أنفه- واليدين والركبتين وأطراف القدمين" (٤).

وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (١٩)﴾ قال العوفي عن ابن عباس يقول: لما سمعوا النبي يتلو القرآن كادوا يركبونه من الحرص لما سمعوه يتلو القرآن ودنوا منه، فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول فجعل يقرئه ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ (٥) [الجن: ١] يستمعون القرآن. هذا قول، وهو مروي عن الزبير بن العوام .

وقال ابن جرير: حدثني محمد بن معمر، حدثنا أبو مسلم، عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال الجن لقومهم: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾ قال: لما رأوه يصلي وأصحابه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده، قال: عجبوا من طواعية أصحابه له قال: فقالوا لقومهم: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾ (٦). وهذا قول ثانٍ، وهو مروي عن سعيد بن جبير أيضًا (٧).

وقال الحسن: لما قام رسول الله يقول: لا إله إلا الله، ويدعو الناس إلى ربهم كادت العرب تلبد عليه جميعًا (٨).

وقال قتادة في قوله: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (١٩)﴾ قال: تلبدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه، فأبى الله إلا أن ينصره ويمضيه ويظهره على من ناوأه (٩). وهذا قول ثالث وهو مروي عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقول ابن زيد (١٠)، وهو اختيار ابن


(١) أخرجه الطبري من طريق سفيان به، وسنده ضعيف لأنه مرسل.
(٢) أخرجه الطبري عن ابن حميد عن مهران عن سفيان به، وفي سنده خُصيف سيء الحفظ، وابن حميد هو محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف، ومعناه صحيح.
(٣) فيه غرابة، والاستشهاد بالحديث الذي يليه لا يتناسب معه.
(٤) أخرجه الشيخان من طريق عبد الله بن طاوس به (صحيح البخاري، الأذان، باب السجود على الأنف ح ٨١٢، وصحيح مسلم، الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب ح ٤٩٠).
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه الترمذي (السنن، التفسير، باب ومن سورة الجن ح ٣٣٢٣) والضياء المقدسي (المختارة ١٠/ ٧٤) كلاهما من طريق أبي عوانة به. وقال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (ح ٢٦٤٧).
(٧) أخرجه الطبري من طريق زياد عن سعيد بن جبير وسنده مرسل ويتقوى بسابقه.
(٨) سنده مرسل ويشهد له ما سبق.
(٩) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة لكنه مرسل ويتقوى بما سبق.
(١٠) تقدمت رواية ابن عباس، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.