للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (٦)﴾ قال أبو إسحاق: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: نشأ، قام بالحبشية (١).

وقال عمر وابن عباس وابن الزبير: الليل كله ناشئة (٢)، وكذا قال مجاهد (٣) وغير واحد، يقال نشأ إذا قام من الليل وفي رواية عن مجاهد: بعد العشاء، وكذا قال أبو مِجلز وقتادة وسالم وأبو حازم ومحمد بن المنكدر (٤).

والغرض أن ناشئة الليل هي ساعاته وأوقاته وكل ساعة منه تسمى ناشئة وهي الآنات، والمقصود أن قيام الليل هو أشد مواطأة بين القلب واللسان وأجمع على التلاوة، ولهذا قال تعالى: ﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ أي: أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار؛ لأنه وقت انتشار الناس ولغط الأصوات وأوقات المعاش.

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا أبو أسامة، حدثنا الأعمش، أن أنس بن مالك قرأ هذه الآية ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَصْوَبُ قِيلًا﴾ فقال له رجل: إنما نقرؤها ﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾، فقال له: إن أصوب وأقوم وأهيأ وأشباه هذا واحد (٥).

ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (٧)﴾ قال ابن عباس وعكرمة وعطاء بن أبي مسلم: الفراغ والنوم (٦).

وقال أبو العالية ومجاهد وأبو مالك والضحاك والحسن وقتادة والربيع بن أنس وسفيان الثوري: فراغًا طويلًا (٧).

وقال قتادة: فراغًا وبغية ومتقلبًا (٨).

وقال السدي: ﴿سَبْحًا طَوِيلًا﴾ تطوعًا كثيرًا.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله تعالى: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (٧)﴾ قال: لحوائجك فأفرغ لدينك الليل، قال: وهذا حين كانت صلاة الليل فريضة ثم إن الله منّ على عباده فخففها ووضعها وقرأ: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢)﴾ إلى آخر الآية، ثم قرأ ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ


(١) أخرجه الطبري بعدة أسانيد صحيحة من طريق أبي إسحاق به، وأخرجه ابن أبي شيبة بسند حسن من عمرو بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود (المصنف ٧/ ١٥٩).
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي مليكة عن ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) أخرجه الطبري والبيهقي (السنن الكبرى ٣/ ٢٠) بسند حسن من طريق سليمان التيمي عن أبي مِجلز، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن الحسن البصري.
(٥) أخرجه أبو يعلى بسنده ومتنه (المسند ٧/ ٨٨ ح ٤٠٢٢)؛ وسنده ضعيف لأن الأعمش لم يسمع من أنس؛ (جامع التحصل ص ٢٢٨) وضعفه محقق مسند أبي يعلى، والقراءة بلفظ "وأصوب" شاذة تفسيرية.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس.
(٧) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق منصور عن مجاهد.
(٨) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.