للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لعائشة- أخبرينا عن قيام رسول الله . قالت: ألست تقرأ ﴿يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾؟ قلت: بلى، قالت: فإنها كانت قيام رسول الله وأصحابه حتى انتفخت أقدامهم وحبس آخرها في السماء ستة عشر شهرًا ثم نزل (١).

وقال معمر، عن قتادة: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ قاموا حولًا أو حولين حتى انتفخت سوقهم وأقدامهم، فأنزل الله تخفيفها بعد في آخر السورة (٢).

وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد -هو: ابن جبير- قال: لما أنزل الله تعالى على نبيه ﴿يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)﴾ قال: مكث النبي على هذه الحال عشر سنين يقوم الليل كما أمره، وكانت طائفة من أصحابه يقومون معه فأنزل الله تعالى عليه بعد عشر سنين ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [المزمل: ٢٠] فخفف الله تعالى عنهم بعد عشر سنين (٣)، ورواه ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن عمرو بن رافع، عن يعقوب القمي به (٤).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣)﴾ فشق ذلك على المؤمنين ثم خفف الله تعالى عنهم ورحمهم فأنزل بعد هذا ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ [المزمل: ٢٠] فوسع الله تعالى وله الحمد ولم يضيِّق (٥).

وقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (٨)﴾ أي: أكثر من ذكره وانقطع إليه وتفرغ لعبادته إذا فرغت من أشغالك وما تحتاج إليه من أمور دنياك كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧)[الشرح] أي: إذا فرغت من أشغالك فانصب في طاعته وعبادته لتكون فارغ البال، قاله ابن زيد بمعناه أو قريب منه.

قال ابن عباس ومجاهد وأبو صالح وعطية والضحاك والسدي: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ أي: أخلص له العبادة (٦).

وقال الحسن: اجتهد وأبتل إليه نفسك (٧).


(١) أخرجه مسلم من طريق قتادة به بلفظ: "حولًا. بدلًا من ستة عشر شهرًا" (الصحيح، صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل ح ٧٤٦).
(٢) أخرجه عبد الرزاق والطبري بسند رجاله ثقات لكنه مرسل ويشهد لقوله: حولًا رواية مسلم السابقة.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لإرساله وضعف ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي، وقد توبع كما سيأتي في رواية ابن أبي حاتم لكن تبقى علة الإرسال.
(٤) سنده ضعيف لإرساله.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٦) أخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر ويتقوى بما يليه، فقد أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه عبد بن حميد (كما في تغليق التعليق ٤/ ٣٤٩) وابن أبي شيبة (المصنف ١٣/ ٥٦٩) بسند صحيح من طريق منصور عن مجاهد.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق أشعث عن الحسن، وأشعث هو ابن سوار الكندي وهو ضعيف (التقريب ص ١١٣ وتهذيب التهذيب ١/ ٣٥٢، ٣٥٣).