للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ قال الحسن وقتادة: أي بسببه من شدته وهوله (١).

ومنهم من يعيد الضمير على الله تعالى: [ويروى عن ابن عباس ومجاهد] (٢) (٣) وليس بقوي؛ لأنه لم يجر له ذكر ههنا.

وقوله تعالى: ﴿كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا﴾ أي: كان وعد هذا اليوم مفعولًا؛ أي: واقعًا لا محالة وكائنًا لا محيد عنه.

﴿إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (١٩) إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠)﴾.

يقول تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ﴾ أي: السورة ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ أي: يتذكر بها أولو الألباب، ولهذا قال تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ أي: ممن شاء الله تعالى هدايته كما قيده في السورة الأخرى ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠)[الإنسان].

ثم قال: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ أي: تارة هكذا وتارة هكذا، وذلك كله من غير قصد منكم ولكن لا تقدرون على المواظبة على ما أمركم به من قيام الليل؛ لأنه يشق عليكم؛ ولهذا قال: ﴿وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ أي: تارة يعتدلان وتارة يأخذ هذا من هذا وهذا من هذا.

﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ أي: الفرض الذي أوجبه عليكم ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ أي: من غير تحديد بوقت؛ أي: ولكن قوموا من الليل ما تيسر، وعبَّر عن الصلاة بالقراءة كما قال في سورة سبحان ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ [الإسراء: ١١٠] أي: بقراءتك ﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠].

وقد استدل أصحاب الإمام أبي حنيفة بهذه الآية وهي قوله: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ على أنه لا يجب تعين قراءة الفاتحة في الصلاة بل لو قرأ بها أو بغيرها من القرآن ولو بآية، أجزأه واعتضدوا بحديث المسيء صلاته الذي في الصحيحين: "ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن" (٤) وقد أجابهم الجمهور بحديث عبادة بن الصامت وهو في الصحيحين أيضًا أن


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي رجاء عن الحسن بلفظ: "موقرة مثقلة"؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ: "مثقلة يوم القيامة".
(٢) زيادة من (حم).
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس بلفظ: "تشقق السماء حين ينزل الرحمن جلَّ وعزَّ"؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: "مثقلة به".
(٤) أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة . (صحيح البخاري، باب أمر النبي الذي لا يتم ركوعه بالإعادة ح ٧٩٣؛ وصحيح مسلم، الأذان، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة ح ٣٩٧).