للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حاتم الرازي: كان صدوقًا إلا أنه ذهب بصره فربما [لقن] (١) وكتبه صحيحة، وقال -مرة-: هو مضطرب وشيخه عبد الملك بن قدامة أبو قتادة الجمحي تكلم فيه أيضًا، والعجب من الإمام محمد بن نصر كيف رواه ولم يتكلم عليه، ولا عرف بحاله، ولا تعرض لضعف بعض رجاله، غير أنه رواه من وجه آخر عن سعيد بن جبير مرسلًا بنحوه، ومن طريق أخرى عن الحسن البصري مرسلًا قريبًا منه (٢).

ثم قال محمد بن نصر: حَدَّثَنَا محمد بن عبد اللَّه بن [قهزاذ] (٣)، أخبرنا النضر، أخبرنا عباد بن منصور قال: سمعت عدي بن أرطأة وهو يخطبنا على منبر المدائن قال: سمعت رجلًا من أصحاب النَّبِيّ عن رسول اللَّه قال: "إن للّه تعالى ملائكة ترعد فرائصهم من خيفته ما منهم ملك تقطر منه دمعة من عينه إلا وقعت على ملك يصلي، وإن منهم ملائكة سجودًا منذ خلق اللَّه السموات والأرض لم يرفعوا رؤوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة، وإن منهم ملائكة ركوعًا لم يرفعوا رؤوسهم منذ خلق اللَّه السموات والأرض ولا يرفعونها إلى يوم القيامة، فإذا رفعوا رؤوسهم نظروا إلى وجه الله ﷿ قالوا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك" (٤). وهذا إسناد لا بأس به.

وقوله تعالى: ﴿وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾ قال مجاهد وغير واحد: "وما هي" أي: النار (٥) التي وصفت ﴿إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾

ثم قال تعالى: ﴿كَلَّا وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣)﴾ أي: ولى ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (٣٤)﴾ أي: أشرق ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥)﴾ أي: العظائم يعني: النار، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وغير واحد من السلف (٦)

﴿نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (٣٦) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧)﴾ أي: لمن شاء أن يقبل النذارة ويهتدي للحق أو يتأخر عنها ويولّي ويردَّها.

﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣) كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦)﴾.

يقول تعالى مخبرًا أن ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)﴾ أي: معتقلة بعملها يوم القيامة قاله ابن


(١) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل بياض.
(٢) تعظيم قدر الصلاة (١/ ٢٦٤ - ٢٦٦، رقم ٢٥٧ - ٢٥٨) وفي كليهما ضعف.
(٣) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صُحف إلى: مهران.
(٤) أخرجه المروزي بسنده ومتنه. (المصدر السابق رقم ٢٦٠) وحكم الحافظ ابن كثير أن سنده لا بأس به.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية العوفي عن ابن عباس بلفظ: "جهنم". ويتقوى بالآثار التالية، فقد أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة بلفظ: "النار"؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح بلفظ: "جهنم"؛ وأخرجه الطبري وابن أبي شيبة بسند حسن من طريق إسماعيل بن سُميع عن أبي رزين. (المصنف ٨/ ٢١٨)؛ وأخرجه الطبري بسند ضعيف عن الضحاك فيه إبهام شيخ الطبري.