للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عباس وغيره ﴿إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (٣٩)﴾ فإنهم ﴿فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١)﴾ أي: يسألون المجرمين وهم في الغرفات وأولئك في الدركات قائلين لهم: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤)﴾ أي: ما عبدنا اللَّه ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا ﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥)﴾ أي: نتكلم فيما لا نعلم.

وقال قتادة: كلما غوى غاوٍ غوينا معه (١). ﴿وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧)﴾ يعني: الموت كقوله تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)[الحجر] وقال رسول الله : "أما هو -يعني عثمان بن مظعون- فقد جاءه اليقين من ربه" (٢).

قال اللَّه تعالى: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)﴾ أي: ما كان متصفًا بمثل هذه الصفات فإنه لا ينفعه يوم القيامة شفاعة شافع فيه؛ لأن الشفاعة إنما تنجع إذا كان المحل قابلًا، فأما من وافى اللَّه كافرًا يوم القيامة فإنه له النار لا محالة خالدًا فيها،

ثم قال تعالى: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩)﴾ أي: فما لهؤلاء الكفرة الذين قبلك مما تدعوهم إليه وتذكرهم به معرضين

﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١)﴾ أي: كأنهم في نفارهم عن الحق وإعراضهم عنه حمر من حمر الوحش إذا فرَّت ممن يريد صيدها من أسد، قاله أبو هريرة وابن عباس في رواية عنه وزيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن (٣): أو رامٍ، وهو رواية عن ابن عباس (٤)، وهو قول الجمهور.

وقال حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس: الأسد بالعربية، ويقال له بالحبشية: قسورة، وبالفارسية: شير، وبالنبطية: أوبا (٥).

وقوله تعالى: ﴿بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (٥٢)﴾ أي: بل يريد كل واحد من هؤلاء المشركين أن ينزل عليه كتاب كما أنزل اللَّه على النَّبِيّ ، قاله مجاهد وغيره (٦)، كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٤] وفي رواية عن قتادة: يريدون أن يؤتوا براءة بغير عمل (٧).


(١) أخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٢) تقدم تخريجه في تفسير سورة الحجر آية ٩٩.
(٣) أخرجه الطبري بسند جيد من طريق ابن سيلان -وهو جابر- عن أبي هريرة؛ وأخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس؛ وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
(٤) أخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي رجاء عن عكرمة؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن عروبة عن قتادة؛ وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة؛ وأخرجه الحاكم عن أبي موسى وصححه ووافقه الذهبي. (المستدرك ٢/ ٥٠٨).
(٥) أخرجه الطبري من طريق سلم بن قتيبة عن حماد بن سلمة به، وسنده ضعيف لضعف علي بن زيد وهو ابن جدعان.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.